للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والجنون وسائر الأمراض العصبية معروفة بين الجاهليين أيضًا، وهم يعدونها من الأمراض التي تحدث للإنسان بسبب دخول الجنون والشياطين في جسد الإنسان فتتملكه، ولا يمكن شفاء من إصابة مس من الجنون أو لوثة في العقل، إلا بإخراج الأرواح المسيطرة على المريض من جسده، ولذلك كان علاج هذه الأمراض من واجب الكهان والسحرة في الغالب، بسبب كونها أمراضًا لم تقع من آفة في الجسد، وإنما وقعت من عارض خارجي، هو دخول الأرواح إلى الأجساد، ومهمة إخراج تلك الأرواح من وظائف المذكورين.

وقد عالج العرب الجنون والخيل بشرب دماء من دماء الملوك. ومن أقوالهم: دماء الملوك شفاء من عضة الكَلِب الكلب والجنون والخبل. ومعالجة داء الكلب، بلعق دم الملوك أو الأشراف من الأدوية المشهورة عند الجاهليين في مداواة هذا المرض. ونسب إلى "الخليل بن أحمد" "أنه قال: دواء عضة الكَلْب الكَلِب الذراريح والعدس والشراب العتيق. وقد ذكر كيف صنَعته وكم يُشرب منه وكيف يتعالج به"١. وذكر أهل الأخبار أن "الأسود بن أوس بن الحُمرة" أتى "النجاشي" فعلمه دواء الكَلَب، وقد ورث ولده هذا الدواء. ومن ولده "المحل". وقد داوى "عتيبة بن مرداس" فأخرج منه مثل جراء الكلب٢.

و"الأسود بن أوس"، هو من "بني الحمرة"، وهم من "ثعلبة بن يربوع". وقد ذكر "ابن دريد"، أن "الأسود بن أوس" تعلم من "النجاشي"، دواء الكلب، وأن نسله يداوون به العرب إلى اليوم، أي: إلى يومه، وقد صار منهم اليوم إلى "بني المحل"، فهو فيهم أيضًا٣.

وقد ظن الجاهليون أن النوم يؤدي إلى امتداد السم في جسد اللديغ، فكانوا يعلقون الجلاجل والحلي على اللديغ ثم تحرك لئلا ينام فيدب السم في جسده٤.

ويقولون: إنه إذا علق عليه أفاق، فيلقون عليه الأسورة والرعاث، ويتركونها عليه سبعة أيام ويمنع من النوم. قال النابغة:


١ عيون الأخبار "٢/ ٧٩".
٢ عيون الأخبار "٢/ ٨٠".
٣ الاشتقاق "١٣٨".
٤ المعاني الكبير "٢/ ١٠٠٨".

<<  <  ج: ص:  >  >>