للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما بقي من رسمها بعد أن عريت، مثل ما يبقى من الكتابة في الأحجار١. ويؤخذ من ذلك أن الحجارة كانت –كما ذكرت في مواضع من هذا الكتاب– مادة من مواد الكتابة عند الجاهليين.

وفي شعر لبيد:

فنعاف صارة فالقنان كأنها ... زُبر يرجعها وليد يمان

مُتعود لحنٌ يعيد بكفّه ... قلمًا على عُسب، ذبلن وبان٢

دلالة واضحة على إلمامه بالكتابة والقراءة، وعلى وقوفه على خط أهل اليمن، "على دراسة غلمان اليمن للزبر، وهي الكتب.

بل ورد: أن لبيدًا كان يدوّن شعره، ويهذبه بعد كتابته، وأنه كان يكتب. روي: "أن عمر بعث إلى المغيرة بن شعبة، وهو على الكوفة، يطلب إليه أن يستنشد من قبله من شعراء الكوفة ما قالوه في الإسلام. فأجابه الأغلب، ورد عليه لبيد قائلًا: إن شئت ما عفى عنه –يعني الجاهلية -فقال: لا، أنشدني ما قلت في الإسلام. فانطلق، فكتب سورة البقرة في صحيفة، ثم أتى بها، وقال: أبدلني اللهُ هذه في الإسلام مكان الشعر. فكتب المغيرة بذلك إلى عمر، فنقص عطاء الأغلب خمس مئة، وجعلها في عطاء لبيد"٣.

وكان الشاعر "المرقش"، وهو من شعراء الحيرة، كاتبًا قارئًا، تعلم الكتابة والقراءة في "الحيرة" مع أخيه "حرملة" عند رجل من أهل الحيرة٤. وكذلك كان الشاعر "لقيط بن يعمر الإيادي" كاتبًا قارئًا. وقد عرف بين أهل الأخبار بـ"صحيفته" التي أرسلها إلى قومه "إياد"، ينذرهم فيها بعزم "كسرى" على غزوهم، وهي قصيدة افتتحت بهذا البيت:


١ شرح ديوان لبيد "ص٢٩٧".
٢ شرح ديوان لبيد "ص١٣٨".
٣ شرح ديوان لبيد "ص٢٨، ٣٦"، الأغاني "١٥/ ١٣١".
٤ الأغاني "٦/ ١٣٠"، المفضليات "٤٥٩ وما بعدها".

<<  <  ج: ص:  >  >>