للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد اقحم الرواة شعرًا في قصصهم عن هذه الحرب، وذلك على عادتهم في رواية أخبار الأيام، وهو لا يخلو من أثر الإثارة والعواطف القبلية. ونجد في الشعر المنسوب إلى البسوس تحريضًا أثار جسّاسًا حتى دفعه على قتل "كليب" دون أن يفكر في سوء عاقبة ذلك القتل. ويعرف هذا النوع من الشعر ب "الموثبات". وهو من شعر التحريض. ومن هذا النوع الشعر الذي تقوله النساء في ندب الموتى لإثارة شجون الحاضرين١.

ويعد "مهلهل" في جملة فرسان العرب الشجعان المعروفين. كما يعدّ في جملة الشعراء المتقدمين. لقب ب "مهلهل"، لأنه أول من رقق الشعر، أو لقوله:

لما توغل في الكراع هجينهم ... هلهلت أثأر مالكًا أو صنبلا فتدبر٢

وقد كان لتغلب جملة رؤساء، منهم رئيس يقال له الجرّار أدرك النبي، وأبى الإسلام فبعث رسول الله زيد الخيل الشاعر المشهور وأحد الشجعان المشهورين، ليطلب منه الدخول في الإسلام كما تقول إحدى الروايات أو القتال، فأبى الإسلام وقاتل حتى قتل٣.

ولاعتزاز تغلب بنفسها، ولشعورها بعزتها، امتنعت عن دفع الجزية المفروض أداؤها على أهل الكتاب، وذهبت إلى عمر بن الخطاب قائلة له: "نحن عرب لا نؤدي ما يؤدي العجم، ولكن خذ منّا كما يأخذ بعضكم من بعض". ورضيت بدفع ضعف ما يدفعه المسلمون صدقة أنفة من كلمة "جزية"٤. واقتدت قبائل


١ دائرة المعارف الإسلامية "٣/ ٦٤٥" "ترجمة إبراهيم شنتناوي وجماعته".
٢ بلوغ الأرب "٣/ ١٠٨"، الشعر والشعراء "٩٩"، جمهرة أشعار العرب "٢١٨". شرح التبريزي "٣١٠"، الاشتقاق "٣٣٩"، سرح العيون "٥٦"، الكامل "١/ ٣١٦".
٣ الأغاني "١٦/ ٥٢" "أخبار زيد الخيل".
٤ السنن الكبرى "٩/ ٢١٦"، "باب نصارى تغلب تضعف عليهم الصدقة"، "فصل في شأن نصارى تغلب وسائر أهل الذمة وما يعاملون به"، كتاب الخراج "١٢٠ وما بعدها"، "القاهرة ١٣٥٢هـ"، البلاذري. فتوح "١٨٥ وما بعدها".

<<  <  ج: ص:  >  >>