للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أخرى مثل تنوخ وبهراء بتغلب، فرضيت بدفع الصدقة التي يدفعها المسلمون مضاعفة مفضلين إياها على دفع الجزية، لكي لا تكون في مصاف النبط، ومن لف لفهم من غير العرب، والمساواة فيها تعد إهانة لهم في نظرهم، وإن كان دافعوها نصارى مثلهم، وهم إخوانهم في الدين.

وذكر أن "عمر بن الخطاب" لما هَمّ بفرض الجزية عليهم، قطعوا الفرات وأرادوا اللحاق بأرض الروم، فانطلق "النعمان بن زرعة" أو "زرعة بن النعمان" إلى "عمر"، فقال له: أنشدك الله في بني تغلب، فإنهم قوم من العرب نائفون من الجزية، وهم قوم شديدة نكايتهم، فلا يغن عدوّك بهم. فأرسل عمر في طلبهم وأضعف عليهم الصدقة١.

ومن مواضعها التي كانت تتبرك بها قبر القديس مارسرجيوس "مارسرجس" بالرصافة٢.

وكانت تغلب أيضًا في جملة القبائل العدنانية التي خضعت لآل كندة، حكم منهم عليها معد يكرب المعروف بغلفاء٣، وخضعت أيضًا لحكم ملوك الحيرة الذين حاولوا إصلاح البين بين تغلب وبين بكر بن وائل، فأخذوا رهائن من الطرفين، ليمنعوهم بذلك من القتال٤. وقد وقعت بين الحيين حروب طويلة سأتحدث عنها في الفصل الخاص بأيام العرب قبل الإسلام.

وقد ثار التغلبيون مرارًا على ملوك الحيرة وحاربوهم، والواقع أن خضوع تغلب والقبائل الكبيرة الأخرى لملوك الحيرة لم يكن إلا خضوعًا اسميًّا، يتمثل في حمل الإتاوات إلى الملوك ما داموا أقوياء، ولذلك كان ملوك الحيرة كما كان


١ البلاذري، فتوح "١٨٥ وما بعدها".
٢ من شعر الأخطل:
لما رأونا والصليب طالعا ... ومارسرجيس وسما ناقعا
وأبصروا راياتنا لوامعا ... خلوا لنا راذان والمزارعا
المشرق: ١٩٣٦ "ص٢٤٧".
٣ الأغاني "٩/ ٨٢".
٤ الأغاني "١١/ ٤٢ وما بعدها".

<<  <  ج: ص:  >  >>