وفي نظري أن القول الثالث ينتظم تلك الأقوال، وذلك أن قلب المؤمن على الفطرة القويمة، وهو القلب الذي ينتفع بالحجج والبراهين فيتعقلها.
وعلى هذا فمبدأ هذا النور هو الفطرة، ويزيده النظر والإيمان والقرآن قوة وحدة واستقامة، وقد أشار ابن تيمية إلى هذا المعنى، فقال:"وأيضاً فالله سبحانه وتعالى فطر عباده على الحنيفية: وهو حب المعروف وبغض المنكر، فإذا لم تستحل الفطرة، فالقلوب مفطورة على الحق، فإذا كانت الفطرة مقومة بحقيقة الإيمان، منورة بنور القرآن ... "١.
فالنور في القلب يقوى بقوة الإيمان والعلم المستقى من الكتاب والسنة الذي يغذي الفطرة القويمة، الموافقة للتوحيد، القابلة لدلائله المطمئنة لها.
قال تعالى:{فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ}[الروم:٣٠] .
وقد أشار الله تعالى إلى أن المستحقين لهذا النور هم الموحدون المخلصون كما في سورة "الزمر" التي تميزت بالكلام على الإخلاص وعامة قضايا التوحيد، وصفة أهله وجزائهم، ثم مقارنة ذلك كله بما يقابله