والحسب لله وحده كما أن العبادة والتقوى والسجود والنذر والخشية لا تكون إلا له سبحانه وتعالى. وتقرير الشيخ لهذا المعنى هو الموافق لما جاء في اللغة العربية كما في قول الشاعر:
إذا كانت الهيجاء وانشقت العصا ... فحسبك والضحاك سيف مهند
فإن المعنى: يكفيك سيف مهند مع الضحاك، ومعنى "حسبك وزيدا درهم" أي يكفيك أنت وزيد مجتمعين درهم واحد، وقوله:"وقال الخليل عليه السلام: {وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلا تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَاناً فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} ، وقال تعالى:{الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ} "إلى آخره المعنى كما قال ابن جرير عن الربيع بن أنس قال: "الإيمان هو الإخلاص لله وحده"، وقال ابن كثير في الآية:"أي هؤلاء الذين أخلصوا العبادة لله وحده ولم يشركوا به شيئا هم الآمنون يوم القيامة المهتدون في الدنيا والآخرة". قال الشيخ في معنى حديث ابن مسعود: والذي شق عليهم أنهم ظنوا أن الظلم المشروط عدمه هو ظلم العبد نفسه وأنه لا أمن ولا اهتداء إلا لمن لم يظلم نفسه فبين لهم النبي صلى الله عليه وسلم ما دلهم على أن الشرك ظلم في كتاب الله فلا يحصل الأمن والاهتداء إلا لمن لم يلبس إيمانه بهذا الظلم فكان من أهل الأمن والاهتداء كما كان من أهل الاصطفاء في قوله تعالى: {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ} وهذا لا ينفي أن يؤاخذ أحدهم بظلمه لنفسه بذنب إذا لم يتب كما قال تعالى: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ} ، فمن سلم من أجناس الظلم الثلاثة: الشرك وظلم العباد وظلمه لنفسه بما دون الشرك كان له الأمن التام والاهتداء التام ومن لم يسلم من ظلمه لنفسه كان له مطلق الأمن والاهتداء بمعنى أنه لا بد أن يدخل الجنة كما وعد بذلك في النصوص الأخرى وقد هداه الله إلى الصراط