المستقيم الذي تكون عاقبته فيه إلى الجنة ويحصل له من نقص الأمن والاهتداء بحسب ما نقص من إيمانه بظلمه لنفسه وليس مراد النبي صلى الله عليه وسلم بقوله:"إنه الشرك" أن من لم يشرك الشرك الأكبر يكون له الأمن التام والاهتداء التام فإن أحاديثه الكثيرة مع نصوص القرآن تبين أن أهل الكبائر معرضون للخوف وحينئذ فمن لم يفرد الله سبحانه بجميع أنواع العبادة فإنه لم يحقق هذا الأصل، ثم بين المؤلف في معرض ذكره لبعض أسرار التعبير أن من هذا القبيل قول النبي صلى الله عليه وسلم في خطبته:"من يطع الله ورسوله" بينما قال في المشيئة: "لا تقولوا ما شاء الله وشاء محمد، بل قولوا ما شاء الله ثم شاء محمد" ففرق بين الطاعة والمشيئة، وقوله صلى الله عليه وسلم:"ومن يعصهما" هو مثل قوله صلى الله عليه وسلم في حديث أنس رضي الله عنه قال: "لما كان يوم خيبر أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا طلحة فنادى أن لله ورسوله ينهيانكم عن لحوم الحمر الأهلية فإنها رجس" متفق عليه بتثنية الضمير لله تعالى ولرسوله، وقد ثبت أنه صلى الله عليه وسلم قال للخطيب الذي قال:"في خطبته من يطع الله ورسوله فقد رشد ومن يعصهما الحديث: "بئس خطيب القوم أنت" لجمعه بين ضمير الله تعالى وضمير رسوله صلى الله عليه وسلم، وقال: "قل ومن يعص الله ورسوله" وقد أجيب عن هذا الإشكال بجوابين أحدهما: أنه صلى الله عليه وسلم نهى الخطيب عن ذلك لأن مقام الخطابة يقتضي البسط والإيضاح فأرشده إلى أن يأتي بالاسم الظاهر لا بالضمير وأنه ليس العتب عليه من حيث جمعه بين ضمير الله وضمير رسول الله صلى الله عليه وسلم، والثاني: أنه صلى الله عليه وسلم له أن يجمع بين الضميرين وليس ذلك لغيره لعلمه بجلال ربه وعظمته. وقوله: "ومن هذا الباب أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول في خطبته الخ"، يشير إلى ما رواه أبوداود من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا تشهد قال: الحمد لله نستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا من يهد الله فلا مضل له وفي يضلل فلا هادي له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أرسله بالحق بشيرا ونذيرا بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعصهما فإنه لا يضر إلا نفسه ولا يضر الله