للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٥ - احتجاج بعض العصاة بالقدر بقولهم: بأنه إذا كان الله قد قدّر لي دخول الجنة فإني سأدخلها.

والرد على هذه الوسوسة الشيطانية بأن يقال:

أ - إن الجنة لا يحصلها الإنسان ولا يدخلها إلا بعمل, كما قال صلى الله عليه وسلم: في الحديث الذي سبق ذكره لما سئل: أيعرف أهل الجنة من أهل النار؟ قال: "نعم". قال: فلم يعملون؟ قال: "كل يعمل لما خلق له أو يسر له".

فعليه إن ما قدر لك لا يأتيك إلا بعمل, فلابد من العمل, وذلك مثل من قدر له أن يكون طبيباً أو مهندساً أو طياراً أو عالماً في الشرع, فلا يمكن أن يكون كذلك إلا بالتعلم والاجتهاد, فكذلك ما قدر للإنسان من جنة أو نار مثل ذلك, ويخشى على من استمر في الوسوسة لنفسه بأنه إذا كان من أهل الجنة, فإنه سيدخلها فيترك طاعة الله, والشيطان يمنّيه حتى يموت على ذلك فيكون من أهل النار, لأن من ترك طاعة الله وعبادته دخل النار.

ب - أن قائل هذا الكلام غير صادق في دعواه هذه, والذي يدل على ذلك ويؤكده بأن يقال له: فلتعلم أن كل شيء بقدر حتى رزقك وطعامك ونومك وحركتك, فإذا كنت صادقاً في دعواك فاجلس في بيتك ولا تسعى لرزقك, لأن ما قدر لك سيأتيك, كما يقال له: لا تذهب تحضر الطعام ولا تصنعه لأنه إذا كان مقدراً لك سيأتيك, فهل سيقبل ذلك؟ لاشك أنه لن يقبل ذلك, فكذلك دعواه هذه غير مقبولة, وإنما هي من إتباع النفس هواها وتمني الأماني على الله, أما لو قبل ذلك وقال: أبقى في البيت حتى يأتيني رزقي بدون سعي, أو أمكث في مكاني حتى يأتيني طعامي فهو لاشك بعدها مجنون لا فائدة من الكلام معه.

<<  <  ج: ص:  >  >>