يقعون في التشبيه أو نحو ذلك، فيقولون إن المراد بالآيات الدالة على الصفات مثل الاستواء هو الاستيلاء،والرحمة هي إرادة الثواب،واليد القدرة، والعلم الإدراك والسمع والبصر هو الإدراك وهكذا سائر الصفات.
أما الأشاعرة والماتريدية فاستخدموا التأويل أيضاً بنفس الطريقة التي استخدمها به المعتزلة إلا أنهم أكثر إثباتاً للصفات من المعتزلة, إلا أن ما يخالف قواعدهم فإنهم يؤولونه مثل قولهم في الاستواء الاستيلاء، واليد القدرة، والرحمة إرادة الثواب، والغضب إرادة العقاب، والوجه الذات، ونحو ذلك من التأويلات التي هي في الأصل تأويلات المعتزلة نفسها.
بيان بطلان التأويل عند المتكلمين:
المتكلمون عموماً تصوروا في أنفسهم تصوراً بالنسبة لله عز وجل ثم بناءً عليه أرادوا تطبيق هذا التصور على كلام الله عز وجل وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم الذي لا يشك عاقل أنه لا ينطبق على تصور المتكلمين وآرائهم وإنما هم في وادِ والشرع في واد آخر، فأرادوا أن يجمعوا بين الثرى والثريا ويطبقوا تصوراتهم على الشرع بتأويلاتهم الفاسدة، وقد نهى السلف رحمهم الله عن تأويل نصوص الصفات بل قد أجمعوا على إثباتها من غير تأويل وتحريف ومن ذلك قول الترمذي رحمه الله في كلامه عن حديث:"من تصدق بعدل تمرة من كسب طيب ولا يصعد إلى الله إلا الطيب فإن الله يتقبلها بيمينه ثم يربيها لصاحبه كما يربي أحدكم فلوه حتى تكون مثل الجبل" ١ قال: "وقد قال غير واحد من أهل العلم في هذا الحديث وما يشبه هذا من الروايات في الصفات ونزول الرب تبارك وتعالى في كل ليلة إلى السماء الدنيا، قالوا: نثبت الروايات في هذا ونؤمن بها ولا يتوهم ولا يقال كيف، هكذا روي عن مالك وسفيان بن عيينة وعن ابن المبارك أنهم قالوا في هذه الأحاديث: أمروها بلا كيف، وهكذا قول أهل العلم من أهل السنة والجماعة، وأما الجهمية فأنكرت هذه
١ أخرجه البخاري في كتاب التوحيد باب قوله تعالى: {تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ} ١٣/٤١٥.