للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الروايات وقالوا هذا تشبيه وقد ذكر الله عز وجل في غير موضع من كتابه اليد والسمع والبصر فتأولت الجهمية هذه الآيات ففسروها على غير ما فسر أهل العلم وقالوا: إن الله لم يخلق آدم بيده، وقالوا: إن معنى اليد هاهنا القوة، وقال إسحاق بن إبراهيم راهويه: إنما يكون التشبيه إذا قال: يد كيد أو مثل يد، أو سمع كسمع أو مثل سمع، فإذا قال سمع كسمع أو مثل سمع فهذا التشبيه، وأما إذا قال كما قال الله تعالى: يد وسمع وبصر ولا يقول كيف ولا يقول مثل سمع لا كسمع فهذا لا يكون تشبيها وهو كما قال الله تعالى في كتابه: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى١١] ١.

وقال الإمام أبو حنيفة رحمه الله في الفقه الأكبر: "وله يد ووجه ونفس كما ذكره الله تعالى في القرآن فما ذكره الله تعالى في القرآن من الوجه واليد والنفس فهو له صفات بلا كيف ولا يقال إن يده قدرته أو نعمته لأن فيه إبطال الصفة،وهو قول أهل القدر والاعتزال, ولكن يده صفته بلا كيف وغضبه ورضاه صفتان من صفاته تعالى بلا كيف" ٢.

ونقل الإجماع على عدم التأويل ابن عبد البر رحمه الله حيث قال: "أهل السنة مجمعون على الإقرار بالصفات الواردة كلها في القرآن والسنة والإيمان بها وحملها على الحقيقة لا على المجاز "٣.

فهذا دليل على بطلان التأويل وضلال المؤولة ومخالفتهم لمنهج السلف.

كما أن للتأويل الذي هو التحريف لوازم كثيرة باطلة تتضح لكل من تأمل تأويل هؤلاء المعطلة.

ومن هذه اللوازم:


١ سنن الترمذي ٣/٤١.
٢ الفقه الأكبر مع شرحه لملا علي القاري ص ٣٣-٣٤ وقد نقل عن فخر الإسلام وعن السرخسي ما يوافق ذلك أيضاً.
٣ التمهيد ٧/١٤٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>