للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما في القرآن والسنة واستخدام السلف فلم يرد لفظ التأويل إلا على المعنيين الأولين وذلك مثل قوله عز وجل: {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ} [الأعراف٥٣] والمراد بتأويله هنا ظهور حقيقته وذلك يوم يأتيهم الجزاء يوم القيامة، ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم لابن عباس: "اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل" ١ فعلم التأويل هو علم التفسير.

ومن ذلك قول ابن جرير في تفسيره: "القول في تأويل الآية ... " ومراده تفسير الآية وبيان معنى ألفاظها وأحكامها ٢.

فهذان المعنيان هما الاستخدام الصحيح لكلمة التأويل ولكنها صارت في عرف المتأخرين خاصة بالمعنى الأخير وهو تحريف المعنى من معناه إلى معنى غير ظاهر لعلة وهذه العلة لا تعود في الغالب لمعنى شرعي؛ وإنما تعود إلى رأي وهوى، وهذا حقيقته تحريف كما يقول شيخ الإسلام: "فتأويل هؤلاء المتأخرين عند الأئمة تحريف باطل "٣، وقال ابن القيم: "والتأويل الذي يخالف ما دلت النصوص، وما جاءت به السنة هو التأويل الفاسد" ٤.

أمثلة من التأويل الفاسد لدى المتكلمين:

من الأمثلة التي استخدم المتكلمون التأويل فيها: تأويل الآيات المتضمنة للصفات.

فالمعتزلة يؤولون سائر الصفات ويمنعون اتصاف الله عز وجل بصف ثبوتية، ويقولون إن اتصاف الله عز وجل بصفة من الصفات يؤدي إلى إثبات آلهة معه وإثبات الجسمية له وما إلى ذلك من الدعاوى فكل صفة من الصفات يؤولونها حتى لا


١ المسند ١/٢٦٦-٣١٤-٣٢٨-٣٣٥.
٢ انظر درء تعرض العقل والنقل ١/١٤، الإمام ابن تيمية وقضية التأويل ص ٣٤/٣٥، جناية التأويل الفاسد، محمد أحمد لوح ص ١-١٢.
٣ مجموع الفتاوى ١٣/٢٩٦.
٤ الصواعق المرسلة ١/١٨٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>