للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كان لأمك بعدد ما "لا أدري" بعر لاستغنت١.

ثالثًا: والكتاب يعتبر الصورة الواضحة لمدرسة الكوفة النحوية، ذلك أن أبا العباس إمام مدرسة الكوفة هذه ورأس علمائها، ومن هنا كانت القضايا النحوية، واللغوية التي يتضمنها الكتاب -وما أكثرها- تعالج على طريقة الكوفيين، غير أن وجهات نظر البصريين كثيرًا ما ترددت أيضًا على صفحاته في كثير من المجالس من قبيل المعارضة، والمناقشة واستعراض آراء المدرسة المخالفة في الرأي.

رابعًا: أما عدد المجالس التي يضمها الكتاب من واقع العناوين المثبتة في النسخة المطبوعة فهي سبعة فقط، ولكن كل مجلس يشكل دائرة معارف أدبية صغيرة تضم الكثير من الأخبار المتعلقة بالأعلام العرب من خلفاء وأعيان وشعراء، وعلماء مع نصائح أو وصايا أو خطب أو محاورات، ونحن نشك في أنها سبعة فقط، إذ لا يتأتى أن يلقى هذا الحجم الكبير من المعرفة، وهذا الفيض الغامر من الدروس في سبعة مجالس فقط، خاصة وأن الكتاب مقسم على اثني عشر جزءًا، وهناك تداخل بين تقسيمه على أجزاء، وتقسيمه على مجالس. إنها ظاهرة تحتاج إلى مزيد من الدراسة تقع على عاتق الذين قاموا على تحقيق الكتاب.

خامسًا: وفي الكتاب بعض الأخبار الاجتماعية الطريفة، مثل قول أعرابية في وصف أبغض الرجال، وأبغض النساء أو وصية رجل لابنه في اختيار زوجه، أو حديث امرأة زوجت أولادها، ثم غابت عنهم هي الأخرى فترة من الزمن وعادت تسألهم عن زوجاتهم. إن مثل هذه القضايا على قدر ما تعطي صورة لمجتمع زمانها فإن أبا العباس يجعل منها وسيلة لتعليم تلاميذه؛ لأن الأمر لا يخلو من كلمات تحتاج إلى شرح وتعليق، واستطراد.

سادسًا: ويضم كتاب المجالس نماذج رائعة من عيون الشعر العربي لشعراء ممتازين موهوبين لشعراء مثل حسان بن ثابت، والنابغة الجعدي، والكميت، وابن هرمة، والحسين بن مطير، وقيس بن ذريح صاحب لبنى، وعروة بن حزام، ثم هو يورد بعد ذلك نماذج من الشعر الرفيع لشعراء غير مشهورين مثل خارجة بن فليح المكي، أو عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، أو عبيد الله بن شبيب، وكل قصيدة أو مقطوعة يجعل منها أبو العباس منطلقًا لدرسه. هذا فضلًا عن عشرات المقطوعات الشعرية الجيدة النفيسة لشعراء عاشوا في مختلف الأزمنة حتى زمان


١ تاريخ بغداد "٥/ ٢٠٨".

<<  <   >  >>