للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

قَالَ وَمَتى كَانَت متوعرة المسالك وحولها الْقَبَائِل بِحَيْثُ يبلغهَا الصَّرِيخ تمنعت بذلك من الْعَدو رَئِيس من طروقها كَمَا فِي سبتة وبجاية وبلد القل على صغرها

فهم حَقِيقَة

قَالَ فَافْهَم ذَلِك واعتبره فِي اخْتِصَاص الْإسْكَنْدَريَّة باسم الثغر من لدن الدولة العباسية مَعَ أَن الدعْوَة كَانَت من وَرَائِهَا ببرقة وإفريقيا اعْتِبَارا للمخافة المتوقعة فِيهَا من الْبَحْر لسُهُولَة وَضعهَا

قَالَ وَلذَلِك وَالله اعْلَم كَانَ طروق الْعَدو لَهَا ولطرابلس فِي الْملَّة مَرَّات مُتعَدِّدَة

المسالة الرَّابِعَة أَن الهياكل الْعَظِيمَة لَا تستقل ببنائها الدولة الْوَاحِدَة وَذَلِكَ لأمور مرجحة وشاهدة

أَحدهَا أَن الْبناء يحْتَاج إِلَى النعاون عَلَيْهِ بِجمع الْأَيْدِي الْكَثِيرَة ومضاعفة الْقدر البشرية وَحِينَئِذٍ تبلغ مِمَّا عظم مِنْهُ الْغَايَة الْمَقْصُودَة

الثَّانِي أَن المباني قد تكون لعظمها اكثر من الْقدر مُفْردَة أَو مضاعفة بالهندام لتحتاج إِلَى معاودة أُخْرَى فِي ازمنة متعاقبة إِلَى أَن تتمّ كَمَا يَحْكِي أَن سد مأرب بناه وسَاق إِلَيْهِ سبعين وَاديا وعاقه الْمَوْت عَن اتمامه فأتمه مُلُوك حمير من بعده

الثَّالِث أَن الْملك الْوَاحِد تَجدهُ يشرع فِي تأسيس المباني الضخمة فَإِذا لم يُتمهَا من بعده من الْمُلُوك بقيت بِحَالِهَا من غير تَمام

الرَّابِع أَن كثيرا من المباني الهائلة عجز عَن هدمها من قصرت مقدرته عَن الْهدم مَعَ انه اسهل من الْبناء لانه رُجُوع إِلَى الأَصْل الَّذِي هُوَ الْعَدَم وَالْبناء على خلاف الأَصْل وَعند ذَلِك تعلم أَن الْقدر الَّذِي أسسته مفرطة الْقُوَّة وانها اثر دوَل عديدة

<<  <  ج: ص:  >  >>