للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

{وَمَا رَبك بظلام للعبيد}

لَا يُقَال قد وضعت الْعقُوبَة بازاء الْحِرَابَة وَهِي من ظلم الْقَادِر إِذْ الْمُحَارب فِي زَمَاننَا قَادر لأَنا نقُول الْعقُوبَة الْمَوْضُوعَة هِيَ بأزاء مَا يقترفه من جِنَايَته فِي نفس أَو مَال على مَا ذهب إِلَيْهِ كثير وَلم تكن إِلَّا بعد الْقُدْرَة عَلَيْهِ والمطالبة بِجِنَايَتِهِ وَنَفس الْحِرَابَة خلو من الْعقُوبَة وَأَيْضًا لَا نسلم وصف الْمُحَارب بِالْقُدْرَةِ لن الْمَعْنى بقدرة الظَّالِم الْيَد المبسوطة الَّتِي لَا نعارض وَهِي المؤذنة بالخراب وقدرة الْمُحَارب غايتها إخافة يتوسل بهَا إِلَى أَخذ المَال والمدافعة عَنْهَا بيد الْكل مَوْجُود شرعا وسياسة فَلَيْسَتْ من الْقُدْرَة المؤذنة بالخراب

الْمَسْأَلَة الرَّابِعَة فِي أَن نقص الْعمرَان لَا لظلم إِنَّمَا يَقع بالتدريج وَذَلِكَ لِأَنَّهُ قد يُوجد بالأمصار الْعَظِيمَة من أهل دولها وَلَا يَقع فِيهَا خراب وَسَببه من قبل الْمُنَاسبَة بَينه وَبَين حَال الْمصر لعظمه واستبحار عمرانه لَا يظْهر فِيهِ من شُؤْم الظُّلم كَبِير أثر وَإِنَّمَا يظْهر بالتدريج بعد حِين وَقد تذْهب تِلْكَ الدولة الظالمة قبل خرابه وَيَجِيء غَيرهَا يجْبر مَا خفى من النَّقْص فَلَا يكَاد يشْعر بِهِ إِلَّا أَن ذَلِك نَادِر لِأَن حُصُوله فِي الْعمرَان عَن الاعتداء لابد مِنْهُ لما تقدم ووباله عَائِد على الدولة الله غَالب على أمره

الْمَسْأَلَة الْخَامِسَة فِي المُرَاد بالظلم الْمُؤَذّن بالخراب وَذَلِكَ أَنه لَا يَعْنِي بِهِ أَخذ المَال أَو الْملك من غير عوض وَلَا سَبَب فَقَط على مَا هُوَ الْمَشْهُور لِأَنَّهُ أعلم من ذَلِك فَكل من أَخذ ملك أحد أَو غصبه فِي عمله أَو طَالبه بِغَيْر حَتَّى أَو فرض عَلَيْهِ مَا لم يفرضه الشَّارِع فقد ظلمه

قَالَ ابْن خلدون فجباة الْأَمْوَال بِغَيْر حَقّهَا ظلمَة والممعتدون علنها

<<  <  ج: ص:  >  >>