و (كَانَ) من دواخل الْمُبْتَدَأ وَالْخَبَر فَحق اسْمهَا أَن يكون مَعْلُوما لكَونه مُبْتَدأ فِي الأَصْل، وَحقّ خَبَرهَا أَن يكون غير مَعْلُوم لكَونه خَبرا فِي الأَصْل، وَيجوز فِي بَاب (كَانَ) تَقْدِيم الْخَبَر على الِاسْم وعَلى (كَانَ) ، وَلَا يجوز تَقْدِيم الْخَبَر على (إِن) وَلَا على اسْمهَا إِلَّا أَن يكون ظرفا أَو مجرورا
و (كَانَ) لَيست من الْأَفْعَال الَّتِي يكون فاعلها مضمرا يفسره مَا بعْدهَا، بل هَذَا مُخْتَصّ من الْأَفْعَال ب (نعم وَبئسَ)
و (كَانَ) الَّتِي بِمَعْنى الْأَمر والشأن لَا يكون اسْمهَا إِلَّا مستترا فِيهَا وَغير مستتر وَلَا يتَقَدَّم خَبَرهَا على معنى الْأَمر والشأن وَلَا ينعَت اسْمهَا وَلَا يعْطف عَلَيْهِ وَلَا يُؤَكد وَلَا يُبدل مِنْهُ وَلَا يكون خَبَرهَا إِلَّا جملَة، وَلَا تحْتَاج الْجُمْلَة أَن يكون فِيهَا عَائِد يرجع إِلَى الأول، والناقصة بِخِلَافِهَا فِي جَمِيع ذَلِك
و (كَانَ) بِمَعْنى حضر: نَحْو {وَإِن كَانَ ذُو عسرة}
وَبِمَعْنى وَقع: نَحْو مَا شَاءَ الله كَانَ
وَبِمَعْنى صَار: نَحْو {وَكَانَ من الْكَافرين}
وَبِمَعْنى الِاسْتِقْبَال: نَحْو {يخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَره مُسْتَطِيرا}
وَبِمَعْنى الْمَاضِي الْمُنْقَطع: نَحْو {وَكَانَ فِي الْمَدِينَة تِسْعَة رَهْط}
وَبِمَعْنى الْحَال: نَحْو {كُنْتُم خير أمة}
وَبِمَعْنى الْأَزَل والأبد: نَحْو {وَكَانَ الله عليما حكيما}
وَبِمَعْنى الدَّوَام والاستمرار: نَحْو {وَكَانَ الله غَفُورًا رحِيما} ، {وَكُنَّا بِكُل شَيْء عَالمين} : أَي لم نزل كَذَلِك، وعَلى هَذَا الْمَعْنى يتَخَرَّج جَمِيع الصِّفَات الذاتية المقترنة بكان
وَبِمَعْنى يَنْبَغِي: نَحْو {مَا كَانَ لكم أَن تنبتوا شَجَرهَا}
وَبِمَعْنى صَحَّ وَثَبت [كَقَوْلِه: صَحَّ عِنْد النَّاس أَنِّي عاشق] ثمَّ إِنَّهُم لما أَرَادوا نفي الْأَمر بأبلغ الْوُجُوه قَالُوا: مَا كَانَ لَك أَن تفعل كَذَا حَتَّى اسْتعْمل فِيمَا هُوَ محَال أَو قريب مِنْهُ، فَمن الأول قَوْله تَعَالَى: {مَا كَانَ لله أَن يتَّخذ من ولد}
وَمن الثَّانِي قَوْله تَعَالَى: {وَمَا كَانَ لمُؤْمِن أَن يقتل مُؤمنا إِلَّا خطأ} أَي: مَا صَحَّ لَهُ وَمَا استقام
وَتَكون للتَّأْكِيد وَهِي الزَّائِدَة، وَجعل مِنْهُ: (وَمَا