للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عَن مَوْضُوعه، وَإِنَّمَا هُوَ تَوْطِئَة لمن يسْلك سَبِيل الِاسْتِعَارَة والتمثيل لِأَنَّهُ كالأصل لَهما، وَالَّذِي يَقع مِنْهُ فِي حيّز الْمجَاز عِنْد أهل البديع هُوَ الَّذِي يَجِيء على حد الِاسْتِعَارَة كَقَوْلِك لمن يتَرَدَّد فِي أَمر بَين أَن يَفْعَله أَو يتْركهُ: (إِنِّي أَرَاك تقدم رجلا وتؤخر أُخْرَى) وَالْأَصْل: (أَرَاك فِي ترددك كمن يقدم رجلا وَيُؤَخر أُخْرَى)

وَمن الشُّرُوط اللَّازِمَة فِي التَّشْبِيه أَن يشبه البليغ الأدون بالأعلى إِذا أَرَادَ الْمَدْح، والبلاغة فِي الهجو بِالْعَكْسِ وأداته الْكَاف {كرماد} و (كَأَن) {كَأَنَّهُ رُؤُوس الشَّيَاطِين} و (شبه) و (مثل) {مثل مَا يُنْفقُونَ} وَلَا يسْتَعْمل (مثل) إِلَّا فِي حَال أَو صفة لَهَا شَأْن، وفيهَا غرابة، والمصدر الْمُقدر بِتَقْدِير الأداة كَقَوْلِه تَعَالَى: {وَهِي تمر مر السَّحَاب} وَرُبمَا يذكر فعل يُنبئ عَن حَال التَّشْبِيه فِي الْقرب والبعد والأداة محذوفة مقدرَة لعدم استقامة الْمَعْنى بِدُونِهَا نَحْو: {يحسبه الظمآن مَاء} {يخيل إِلَيْهِ من سحرهم أَنَّهَا تسْعَى}

وَالْأَصْل دُخُول أَدَاة التَّشْبِيه على الْمُشبه بِهِ، وَقد تدخل على الْمُشبه، إِمَّا لقصد الْمُبَالغَة نَحْو: {قَالُوا إِنَّمَا البيع مثل الرِّبَا} {أَفَمَن يخلق كمن لَا يخلق}

وَإِمَّا لوضوح الْحَال نَحْو: {وَلَيْسَ الذّكر كالأنثى} وَقد تدخل على غَيرهمَا ثِقَة بفهم الْمُخَاطب نَحْو: {كونُوا أنصار الله كَمَا قَالَ عِيسَى ابْن مَرْيَم} وَالْمرَاد: كونُوا أنصار الله خالصين فِي الانقياد كشأن مخاطبي عِيسَى إِذْ قَالُوا

والتشبيه المقلوب كَقَوْلِه:

(وبدا الْمِصْبَاح كَأَن غرته ... وَجه الْخَلِيفَة حِين يمتدح)

وَقد نظمت فِيهِ:

(لَا تقلب الشّبَه كلا فِيهِ مَا فِيهِ ... حق التشابيه تَشْبِيه بِمَا فِيهِ)

(فالسهم فِي هدف كاللحظ فِي جَسَدِي ... والدر فِي صدف كالثغر فِي فِيهِ)

(والبدر جَبهته والقوس حَاجِبه ... والجوهر الْفَرد فوه لَا يُنَافِيهِ)

(وَلَا قِيَاس على تَشْبِيه خالقنا ... لنوره الْعِزّ فِيمَا لَا يوافيه)

والتشبيه الْمُطلق: هُوَ أَن يشبه شَيْء بِشَيْء من غير عكس وَلَا تَبْدِيل كَقَوْلِه تَعَالَى: {وَله الْجوَار الْمُنْشَآت فِي الْبَحْر كالأعلام}

والتشبيه الْمَشْرُوط: هُوَ أَن يشبه شَيْء بِشَيْء لَو

<<  <   >  >>