بهَا إِلَى اللّبأ.
وَقَالُوا: استنشأَت الرّيح، وَالصَّوَاب: استنشيت، ذَهَبُوا بِهِ إِلَى قَوْلهم: نَشأ السَّحَاب.
وَمِنْهَا: الْهمزَة الْأَصْلِيَّة الظَّاهِرَة فِي اللَّفْظ، نَحْو همزَة: الخبء، والدفء، والكفء، والعبء، وَمَا أشبههَا.
وَمِنْهَا: اجْتِمَاع الهمزتين فِي كل وَاحِدَة، نَحْو همزتي: الرئاء، والحلوئاء.
وَأما (الضياء) فَلَا يجوز همز يائه، والمدة الْأَخِيرَة فِيهِ همزَة أصليّة، من: ضاء يضوء ضوءاً؛ وَأنْشد أَحْمد بن يحيى فِيمَن هَمز مَا لَيْسَ بمَهموز:
وَكنت أرجِّي بِئْر نعْمَان حائراً
فَلوّأ بالعينين والأَنف حائِرُ
أَرَادَ: لوّى، فهمز.
قَالَ: وَالنَّاس كلهم يَقُولُونَ: إِذا كَانَت الْهمزَة طرفا وَقبلهَا سَاكن حَذَفوها فِي الخَفض والرَّفْع وأثبتوها فِي النصب، إِلَّا الْكسَائي وحَده فَإِنَّهُ يُثبتها كُلَّها.
قَالَ: وَإِذا كَانَت الْهمزَة وُسْطى أَجمعُوا كلّهم على ألاّ تَسْقط.
قَالَ: وَاخْتلف الْعلمَاء بأيّ صُورة تكون الْهمزَة؟ .
فَقَالَت طَائِفَة: تَكْتُبهَا بحركة مَا قبلهَا، وهم الْجَمَاعَة.
وَقَالَ أَصْحَاب الْقيَاس: تَكْتُبهَا بحركة نَفسهَا.
واحتجت الْجَمَاعَة بأنّ الخطّ يَنُوب عَن اللّسان، وَإِنَّمَا يلْزمنَا أَن نتوهّم بالخطّ مَا نَطق بِهِ اللِّسَان.
قَالَ أَحْمد بن يحيى: وَهَذَا هُوَ الْكَلَام.
بَاب: اجْتِمَاع الهمزتين لَهما مَعْنيانِ
قَالَ الله تَعَالَى: {ءَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ} (الْبَقَرَة: ٦) ،
من القُراء من يُحقق الهمزتين، فَيقْرَأ: (أأنذرتهم) قَرَأَ بِهِ عَاصِم وهَمزه وَالْكسَائِيّ.
وَقَرَأَ أَبُو عَمْرو: (آنذرتهم) بِهَمْزَة مطوّلة.
وَكَذَلِكَ جَمِيع مَا شاكله نَحْو قَوْله تَعَالَى:
{أَءَنتَ قُلتَ لِلنَّاسِ} (الْمَائِدَة: ١١٦) . {ءَأَلِدُ} (هود: ٧٢) ، {شَجَرَهَا} (النَّمْل: ٦٠ ٦٤) .
وَكَذَلِكَ قَرَأَ ابْن كثير وَنَافِع وَيَعْقُوب بِهَمْزَة مطوَّلة.
وَقَرَأَ عبد الله بن أبي إِسْحَاق: (آأنذرتهم) بِأَلف سَاكِنة بَين الهمزتين، وَهِي لُغَة سائرةٌ بَين الْعَرَب؛ قَالَ ذُو الرمّة:
أيا ظَبْيَة الوَعساء بَين حُلاحل
وَبَين النَّفا آأنت أم أُمّ سالِم
وَقَالَ آخر: