وَقَوله {أَو يزيدونٍ} يَقُول: فَإِن زادوا بالأولاد قبل أَن يُسْلِموا فادْعُ الْأَوْلَاد أَيْضا، فَيكون دعاؤُك للأولاد نَافِلَة لَك لَا يكون عَلَيْك فَرْضاً.
قلت: وأمّا قَوْله تَعَالَى فِي آيَة الطَّهَارَة: {وَإِنْ كُنتُم مَّرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَآءَ أَحَدٌ مِّنْكُمْ مِّن الْغَآئِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَآءَ} (النِّسَاء: ٤٣) فَهُوَ بِمَعْنى (الْوَاو) الَّتِي تُعرف بواو الْحَال.
الْمَعْنى: وَجَاء أَحد مِنْكُم من الْغَائِط، أَي: فِي هَذِه الْحَالة.
وَلَا يجوز أَن يكون تَخْييراً.
وأَما قَوْله تَعَالَى: {أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَآءَ} (النِّسَاء: ٤٣) فَهِيَ معطوفة على مَا قبلهَا بمعناها.
وَأما قَوْله تَعَالَى: {رَبِّكَ وَلَا تُطِعْ مِنْهُمْءَاثِماً أَوْ} (الْإِنْسَان: ٢٤) .
فَإِن الزّجاج قَالَ: (أَو) هَا هُنَا أوكد من (الْوَاو) ، لِأَن (الْوَاو) إِذا قلت: لَا تُطع زيدا وعمراً، فأطاع أَحدهمَا كَانَ غير عاصٍ، لِأَنَّهُ أَمره ألاّ يُطيع الِاثْنَيْنِ، فَإِذا قَالَ: وَلَا تُطِع مِنْهُم آثِماً أَو كفورا، ف (أَو) قد دَلّت على أَن كل وَاحِد مِنْهُمَا أهل لِأَن يعْصى.
وَقَالَ الْفراء: (أَو) إِذا كَانَت بِمَعْنى (حَتَّى) فَهُوَ كَمَا تَقول: لَا أَزَال مُلازمك أَو تُعطيني، وَإِلَّا أَن تُعطيني.
وَمِنْه قَول الله تَعَالَى: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الَاْمْرِ شَىْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ} (آل عمرَان: ١٢٨) .
مَعْنَاهُ: حَتَّى يَتُوب عَلَيْهِم، وَإِلَّا أَن يَتُوب عَلَيْهِم؛ وَمِنْه قولُ امرىء الْقَيْس:
يُحاول مُلْكاً أَو يَمُوت فيُعْذرا
مَعْنَاهُ: إِلَّا أَن يَمُوت.
وَأما الشكّ، فَهُوَ كَقَوْلِك: خرج زيد أَو عَمْرو؟
وَقَالَ محمّد بن يزِيد: (أَو) من حُرُوف الْعَطف، وَلها ثَلَاثَة معَان:
تكون لأحد أَمريْن عِنْد شكّ المُتكلم أَو قَصده أَحدهمَا، وَذَلِكَ كَقَوْلِك: أتيتُ زيدا أَو عمرا، وَجَاءَنِي رجل أَو امْرَأَة؛ فَهَذَا شَكّ.
فَأَما إِذا قَصد أَحدهمَا، فكقولك: كل السّمك أَو اشرب اللَّبن، أَي: لَا تجمعهما، وَلَكِن اختر أيّهما شِئت.
وَكَذَلِكَ: أَعْطِنِي دِينَارا أَو اكسُني ثوبا.
وَتَكون بِمَعْنى الْإِبَاحَة، كَقَوْلِك: جَالس الْحسن أَو ابْن سِيرين، وأْتِ المَسْجِد أَو السُّوق، أَي: قد أَذِنت لَك فِي هَذَا الضَّرب من النَّاس؛ وَإِن نهيته عَن هَذَا قلت: لَا تجَالس زيدا أَو عمرا، أَي: لَا تجَالس هَذَا الضَّرْب من النَّاس.
وعَلى هَذَا قولُه تَعَالَى: {رَبِّكَ وَلَا تُطِعْ مِنْهُمْءَاثِماً أَوكفوراْ} (الْإِنْسَان: ٢٤) أَي: وَلَا تُطع