للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:
مسار الصفحة الحالية:

وتجيء (مَا) بِمَعْنى (أَي) ؛ كَقَوْلِه تَعَالَى: {قَالُواْ ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لَّنَا مَا لَوْنُهَا} (الْبَقَرَة: ٦٩) الْمَعْنى: يبين لنا أيّ شَيْء لَوْنهَا؟ و (مَا) فِي هَذَا الْموضع رَفع، لِأَنَّهُ ابْتِدَاء، ومُرافعها قَوْله (لَوْنهَا) .

الْفراء: و {ضَلَالاً مِّمَّا خَطِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم

١٧٦٤ - ئَاتِهِمْ أُغْرِقُواْ فَأُدْخِلُواْ نَاراً فَلَمْ يَجِدُواْ لَهُمْ} (نوح: ٢٥) تَجعل (مَا) صلَة فِيمَا تَنْوي بِهِ مَذْهَب الْجَزَاء، كَأَنَّهُ: من خطيئاتهم مَا أُغرقوا.

وَكَذَلِكَ رَأَيْتهَا فِي مُصحف عبد الله، وتأخرها دَلِيل على مَذْهَب الْجَزَاء.

وَمثلهَا فِي مصحفه: (أَي الْأَجَليْنِ مَا قَضيتَ) .

أَلا ترى أَنَّك تَقول: حَيْثُمَا تكن أكن، وَمهما تقل أقُل.

وَقَوله تَعَالَى: {أَيًّا مَّا تَدْعُواْ فَلَهُ الَاْسْمَآءَ الْحُسْنَى} (الْإِسْرَاء: ١١٠) وُصل الْجَزَاء ب (مَا) ، فإِذا كَانَ استفهاماً لم يُوصل ب (مَا) ، وَإِنَّمَا يُوصل إِذا كَانَ جَزَاء؛ أَنْشد ابْن الأعرابيّ قولَ حسّان:

إِن يكُن غَثّ مِنْ رَقَاشِ حَدِيثٌ

فبمَا يَأْكُل الحديثُ السَّمينَا

قَالَ: فبمَا، أَي: رُبمَا.

قلت: وَهُوَ مَعروف فِي كَلَامهم قد جاءَ فِي شعر الْأَعْشَى وَغَيره.

أما: وَقَالَ اللَّيْث (أمَا) اسْتِفْهَام جحود؛ كَقَوْلِك: أما تَسْتَحي من الله؟

قَالَ: وَتَكون (أما) تَأْكِيد للْكَلَام ولليمين، كَقَوْلِك: أما إِنَّه لرجل كَرِيم.

وَفِي الْيَمين كَقَوْلِك: أمَا وَالله لَئِن سَهرت كُل لَيْلَة لأدَعنّك نَادِما؛ أما لَو علمتُ بمكانك لأزعجنّك مِنْهُ.

إِمَّا وَأما: وافتراقهما

أَبُو الْعَبَّاس، عَن سَلمة، عَن الفراءِ، قَالَ: قَالَ الْكسَائي فِي بَاب (إمّا) و (أمّا) :

إِذا كنت آمراً، أَو ناهياً، أَو مُخبراً، فَهِيَ (أمّا) مَفْتُوحَة.

وَإِذا كنت مُشترطاً أَو شاكاً أَو مخيِّراً أَو مُخْتَارًا، فَهِيَ (إمّا) بِكَسْر الْألف.

قَالَ: وَتقول من ذَلِك فِي الأول: أما الله فاعْبد، وَأما الخَمر فَلَا تَشْربها، وأمّا زيد فقد خَرج.

قَالَ: وَتقول فِي النَّوْع الثَّانِي؛ إِذا كنت مُشترطاً: إمّا تَشْتمنّ زيدا فَإِنَّهُ يَحْلُم عَنْك.

وَتقول فِي الشكّ: لَا أَدْري من قَامَ إمَّا زيدٌ وإمّا عَمْرو.

وَتقول فِي التَّخيير: تعلّم إمّا الفِقه: وإمّا النَّحو.

وَتقول فِي الْمُخْتَار: لي بِالْكُوفَةِ دارٌ وَأَنا خَارج إِلَيْهَا فإمّا أَن أَسْكنها وإمّا أَن أبِيعها.

قَالَ: وَمن الْعَرَب من يَجعل (إمّا) بِمَعْنى: إمّا الشّرطِيَّة. قَالَ: وَأنْشد الْكسَائي

<<  <  ج: ص:  >  >>