للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:
مسار الصفحة الحالية:

وَهِي تصلح للأزواج، لِأَن فِيهَا سُؤْرةٌ من شباب؛ قَالَ رُؤبة:

مغايراً أَو يَرْهب التّأْيِيما

وَقَوله:

وكأنّما ينأى بِجَانِب دفِّها الْ

وَحْشِي مِن هَزِج العَشِيّ مُؤَوَّمِ

أَرَادَ: من حادٍ هَزِج العَشيّ بحُدائه.

اللَّيْث: المُواءمة: المُباراة.

قَالَ: ويُقال: فُلَانَة تُوَائِم صَواحباتها، إِذا تكلّفت مَا يتكلَّفن من الزِّينة؛ قَالَ المَرّار:

يَتواءَمْن بنَوْمات الضُّحى

حَسَنات الدَّلّ والأُنْس الخَفِرْ

أم: قَالَ الفَرّاء: أَمْ، فِي الْمَعْنى تكون ردّاً على الِاسْتِفْهَام على جِهَتَيْن:

إِحْدَاهمَا: أَن تُفارق معنى (أم) .

وَالْأُخْرَى: أَن تَستفهم بهَا على جِهة النَّسق الَّذِي يُنْوى بهَا الابتداءُ، إِلَّا أَنه ابتداءٌ مُتَّصل بِكَلَام.

فَلَو ابتدأت كلَاما لَيْسَ قبله كَلَام، ثمَّ استفهمت لم يكن إِلَّا ب (الْألف) أَو ب (هَل) ، من ذَلِك قَوْله جلّ وعزّ: {} {رَّبِّ الْعَالَمِينَ أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ الْحَقُّ مِن} (السَّجْدَة: ١، ٣) فَجَاءَت (أم) وَلَيْسَ فِيهَا اسْتِفْهَام، فَهَذَا دَلِيل على أَنه اسْتِفْهَام مُبْتَدأ على كَلَام قد سبقه.

قَالَ: وَأما قَوْله تَعَالَى: {أَمْ تُرِيدُونَ أَن تَسْئَلُواْ رَسُولَكُمْ} (الْبَقَرَة: ١٠٨) .

فَإِن شِئْت جعلته استفهاماً مُبْتَدأ قد سبقه كَلَام، وَإِن شِئْت قلت: قبله اسْتِفْهَام فَرُد عَلَيْهِ، وَهُوَ قَوْله تَعَالَى: {أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} (الْبَقَرَة: ١٠٦) .

وَكَذَلِكَ قَوْله تَعَالَى: {وَقَالُواْ مَا لَنَا لَا نَرَى رِجَالاً كُنَّا نَعُدُّهُمْ مِّنَ} {الَاْشْرَارِ أَتَّخَذْنَاهُمْ سِخْرِيّاً أَمْ زَاغَتْ عَنْهُمُ الأَبْصَارُ} (ص: ٦٢، ٦٣) .

فَإِن شِئْت جعلته استفهاماً مُبتدأ على كَلَام قد سَبقه كَلَام.

وَإِن شِئْت جعلته مَرْدُوداً على قَوْله: {وَقَالُواْ مَا لَنَا لَا} (ص: ٦٢) .

وَمثله قَوْله تَعَالَى: {ياقَوْمِ أَلَيْسَ لِى مُلْكُ مِصْرَ وَهَاذِهِ الَاْنْهَارُ تَجْرِى مِن} (الزخرف: ٥١) ثمَّ قَالَ: {تُبْصِرُونَ أَمْ أَنَآ خَيْرٌ مِّنْ هَاذَا الَّذِى هُوَ مَهِينٌ وَلَا يَكَادُ يُبِينُ} (الزخرف: ٥٢) .

فالتفسير فيهمَا وَاحِد.

قَالَ الْفراء: وَرُبمَا جعلت الْعَرَب (أم) إِذا سَبقها اسْتِفْهَام، وَلَا يصلح فِيهِ (أم) على جِهَة (بل) . فَيَقُولُونَ: هَل لَك قِبلنا حق أم أَنْت رجل مَعْرُوف بالظلم؟ .

يُريدون: بل أَنْت رجُلٌ مَعْروف بالظُّلم؛ وأَنشد:

فوَاللَّه مَا أَدْرِي أَسَلْمَى تَغَوَّلَت

أم النَّوم أم كُلٌّ إليّ حَبِيبُ

<<  <  ج: ص:  >  >>