للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

السُّمْرَةُ والأُدْمَةُ، وعَلى أَلْوان العجمِ البياضُ والحُمْرَةُ.

وَقَالَ شمر حَدثنِي السمريُّ عَن أبي مسحل أَنه قَالَ فِي قَوْله (بُعِثْتُ إِلَى الأَسْودِ والأَحْمَرِ) يُرِيد بالأسودِ الجِن، وبالأحْمَرِ الإِنَسَ، سمي الإنسُ بالأَحْمَرِ للدَّمِ الَّذِي فيهم، وَالله أعلم، وروى عَمْرو عَن أَبِيه أَنه قَالَ فِي قَوْله (بعثت إِلَى الأحْمر وَالْأسود) مَعْنَاهُ بُعِثْتُ إِلَى الأَسودِ والأبْيَض. قَالَ: وامْرأَةٌ حَمْرَاء أَي بَيْضاءُ، وَمِنْه قَول النَّبِي لعَائِشَة (يَا حُمَيْراءُ) قَالَ والأحْمَرُ الَّذِي لَا سلاحَ مَعَهُ، وَأَخْبرنِي المنذريُّ عَن الحَرْبي فِي قَوْله (أُعْطِيتُ الكنْزَيْنِ الأحمرَ والأبيضَ) قَالَ فالأحْمَرُ مُلْكُ الشامِ والأبيضُ مُلْكُ فارسَ، وَإِنَّمَا قيل لمُلكِ فارسَ الكنْزُ الأبيضُ لبياض أَلْوَانِهِمْ، وَلذَلِك قيل لَهُم بَنُو الأحرارِ يَعْنِي الْبيض وَلِأَن الغالبَ على كنوزهم الورِقُ وَهِي بيضٌ، وَقَالَ فِي الشامِ الكنزُ الأحمرُ لِأَن الغالبَ على أَلْوانِهم الحُمْرَةُ وعَلى كُنُوزِهم الذّهَبُ وَهُوَ أَحْمَر. وَقَالَ ابنُ السّكّيت قَالَ الأصمعيُّ أَتَانِي كلُّ أسودَ مِنْهُم وأحمرَ وَلَا يُقَال أبيضَ، حَكَاهُ عَن أبي عَمْرو بن الْعَلَاء وَقَالَ:

جَمَعْتُمْ فأوْعَيْتُمْ وجِئْتم بِمَعْشَرٍ

توافَتْ بِهِ حُمْرانُ عَبْدٍ وسودُها

وَيُقَال كلّمْتُه فَمَا ردّ عليَّ سوداءَ وَلَا بَيْضَاء أَي كلمة رَدِيئَةً وَلَا حَسَنَة. قلت: والقولُ مَا قَالَ أَبُو عمرٍ وَأَنَّهُمْ الأسودُ والأبيضُ؛ لأنّ هذَيْن النّعْتينِ يَعُمَّان الآدميينَ أَجمعين. وَهَذَا كَقَوْلِه (بُعِثْتُ إِلَى النَّاس كَافَّة) وَكَانَت العربُ تَقول للعجمِ الَّذين يكون البياضُ غَالِبا على أَلْوانِهم مثلِ الرُّومِ والفرسِ وَمن ضاقَبَهُمْ: إِنَّهُم الحَمْراءُ، وَمِنْه حديثُ عليّ حِين قَالَ لَهُ سَراةٌ من أصحابِه العَربِ: غلبتْنا عَلَيْك هَذِه الحُمْرَةُ، فَقَالَ: لَيَضْرِبنَّكُمْ على الدّين عَوْداً كَمَا ضربتموهم عَلَيْهِ بَدْءاً، أَرادُوا بالْحَمْرَاء الفرسَ والرُّومَ. والعربُ إِذا قالُوا: فلانٌ أبيضُ وفلانةٌ بيضاءٌ، فمعناهَا الكرمُ فِي الْأَخْلَاق، لَا لونُ الخِلْقَةِ. وَإِذا قَالُوا: فلانُ أحمرُ وفلانةُ حمراءُ عَنَتْ بياضَ اللَّونِ.

ورَوَى أَبُو العبَّاس عَن ابْن الأعرابيّ أَنه قَالَ فِي قولهِمْ الْحُسْنُ أَحْمَرُ أَي شاقٌّ، أَي من أَحَبَّ الحُسْنَ احتَمَل المَشَقَّة. وَكَذَلِكَ موتٌ أَحْمَرُ، قَالَ الحُمْرَةُ فِي الدَّمِ والقتالِ. يَقُول: يَلْقى مِنْهُ المشقةَ كَمَا يَلْقى من القتالِ.

أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: يُقَال جَاءَ بِغَنَمِه حُمْرَ الكُلى، وَجَاء بِها سُودَ البُطونِ، مَعْنَاهُمَا المَهَازِيلُ.

وَقَالَ اللَّيْث: الحَمَرُ داءٌ يعتري الدابّة من كَثْرَة الشّعير، وَقد حَمِر البرذَوْنُ يحمَرُ حَمَراً. وَقَالَ امْرُؤ الْقَيْس:

لَعَمْرِي لسَعْدُ بنُ الضبابِ إِذَا غَدا

أحبُّ إلينَا مِنْك، فَافَرَسٍ حَمِر

أرَادَ يَافَا فَرَسٍ حَمِر، لقَّبَهُ بِفِي فَرَسٍ حَمِرٍ لِنَتْن فِيهِ. قَالَ وسنَةٌ حَمْرَاء شديدةٌ، وَأنْشد:

أَشْكُو إِلَيْك سَنَوَاتٍ حُمْرَا

<<  <  ج: ص:  >  >>