للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهذه الأحاديث بعضها في الصحيحين وبعضها في أحدهما.

ومن البدع السيئة: ما اعتاده الناس من لبس الأسود من الثياب عند حدوث مصيبة، فإنه لا أصل له في السنة، وأول من أحدثه العباسيون حين قتل مروان الأموى إبراهيم الإمام لما تنسم منه دعوى الخلافة، لبسوه حزنًا عليه فصار شعارًا لهم، قالوا: "لأنها أشبه بثياب أهل المصيبة، لا تجلى فيها عروس ولا يلبى فيها محرم ولا يكفن فيها ميت. وفى الحكم: البس البياض والسواد فإن الدهر كذا (بياض نهار وسواد ليل) وإنما السنة لبس الثياب البيض في حال الشدة والرخاء والحياة والموت، ففى الحديث عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "البسوا من ثيابكم البياض فإنها من خير ثيابكم وكفنوا فيها موتاكم" رواه أبو داود والترمذى وقال: حسن صحيح، وعن سمرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "البسوا البياض فإنها أطهر وأطيب وكفنوا فيها موتاكم" أخرجه الترمذى أيضًا وقال: حسن صحيح، والنسائى وابن ماجه والحاكم وقال: على شرطهما.

(وبالجملة) فهذه الأحاديث وما شاكلها ناطقة بأن السنة لبس الأبيض مطلقًا في جميع الحالات.

ومن العادات السيئة ما يفعله أهل مصر عند مصيبة الموت من جعل فرش البيت كله أسود أو تغطيته بغطاء أسود مدة عام أو أكثر وهى عادة سخيفة تدل على شدة الجزع وعدم الرضا بقضاء الله تعالى وهو القاهر فوق عباده وهو الحكيم الخبير.

ومن العادات السيئة عدم المبالاة بالمجاهرة بالمعاصى، فترى من ابتلى بها يأتيها

على مرأى ومسمع من الناس، وهذا من أهم الدواعى إلى انتشار المنكرات وفى الحديث: "من ابتلى من هذه القاذورات بشيء فليستتر بستر الله" جمع قاذورة، وقوله: "فليستتر بستر الله": أي بعد التوبة وعدم العود فلا يبدى فاحشته التى ارتكبها. رواه الحاكم وغيره وسنده جيد، لا سيما إذا كان ممن يقتدى به، فعن ابن عباس رضي الله عنهما: ويل للعالم من الاتباع يزل الزلة فتحمل عنه في الآفاق، وقال آخر: زلة العالم مثل انكسار السفينة تغرق وتغرق الخلق، وقال حكيم: زلة العالم يضرب بها الطبل. ومن الحكم المأثورة: اثنان إذا صلحا صلح الناس، وإذا فسدا

<<  <   >  >>