للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فدينها الرسمى يحرم عليها أن تخرج متبرجة ويمنعها أن تخالط الرجال الأجانب، ودينها الحنيف قد أرجب الحجاب صونًا للأعراض ومحافظة على الآداب والأنساب ودرءًا للفتن وراحة للأُسر وطمأنينة للنفوس،

وسلامة للقلوب من الأضغان والأحقاد، شرعه الله ليكون سدًّا منيعًا بين الأشرار وما يبتغون، والفساق وما توسوس لهم به الشياطين، شرعه الحكيم العليم لاحترام المرأة، وإنقاذ الأمة من فوضى الأخلاق، وانحطاط الآداب، ما كان لدعاة التجديد، لو كانوا مسلمين عقلاء أن يلفتوا نظر المرأة الشرقية إلى تلك القاذورات المنتنة والعادات الجاهلية وهم يعلمون أن عقلاء الغرب قد أدركوا ضرر كثير من عاداتهم وأحسوا بخطر السفور واختلاط النساء بالرجال فنبهوا شعوبهم ليقلعوا عنها.

ولو أن هؤلاء حيث أصيبوا بمرض التقليد الأعمى عملوا على تقليد الأجانب فيما يرقى الأمة ويرفعها من وهدة التأخر ويسير بها إلى ذروة العز والكرامة لكنا لهم عضدًا وساعدًا، فإن التنافس في نيل المعالى مطلوب، وجميل لا قبيح، أما العمل على تشجيع التقليد الأعمى فيما قد أصبح ضرره محسوسًا وملموسًا فلسنا نقرهم عليه، فإن الساكت على الجريمة شريك الجانى، واستحسان القبيح من أفحش العيوب وأكبر السيئات، والله الهادى إلى سواء السبيل.

ومن هذه العادات ولوع الناس بالشراء من الأجنبى يفضلونه على أبناء الوطن وهو لا يتحفظ من النجاسة في مثل المأكولات، قال في "المدخل": وينبغى له أن يتحفظ من شراء المائعات وما أشبهها ممن هذا حاله؛ لأن النصارى يتدينون بأن النجاسة إنما هى دم الحيض فقط، وما عداه طاهر على زعمهم فتجد أحدهم يبول في دكانه ويتناول المائع وغيره بيده ولا يطهرها، وكذا الجبن وغيره ممَّا يكثر مباشرته له، فالشراء منهم على هذا مكروه، فإن فعل لا يأكل حتى يغسل ما اشتراه إن أمكن، وأيضًا يكره لأن في الشراء منهم منفعة لهم والمسلمون أحق بالنفع منهما لأن المسلم مأمور بإعانة أخيه المسلم مهما أمكنه، وعن مالك رضي الله عنه أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كتب إلى أهل البلد ينهاهم عن أن يكون اليهود والنصارى في أسواقهم صيارفة وجزارين، أو في شيء من

<<  <   >  >>