للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فالزموا التمسك بطريقتى وسيرتى القويمة التى أنا عليها، وهى الدين كله من اعتقادات وعبادات ومعاملات وملكات فاضلة، وإجمالًا هى ما شرعه عنه على لسانه وبينه لأمته، فليس المراد بالسنة هنا معناها الشرعى وهو ما طلب طلبًا غير جازم؛ لأنَّه اصطلاح طارئ قصد به التمييز بينها وبين الفرض. " وسنة الخلفاء ": جمع خليفة، وهو كل من قام مقام غيره وإنما أطلق ذلك على الصحابة لأنهم خلفوا رسول الله صلوات الله وسلامه عليه في الدعوة إلى الله تعالى وحراسة الدين. " الراشدين ": جمع راشد، وهو من عرف الحق واتبعه، والغاوى من عرفه ولم يتبعه، والضال من لها يعرفه أصلًا. " المهديين ": جمع مهدى، وهو من هداه الله لأقوم طريق جمع بينهما تأكيدًا واللام للعهد والمعهود خمسة: أبو بكر وعمر وعثمان وعلى وابنه الحسن رضي الله عنهم أجمعين وحينئذ فوصفهم بعد بالرشد والهداية وصف كاشف لا للاحتراز.

وإنما حث على التمسك بطريقتهم؛ لأن ما عرف عن هؤلاء أو عن بعضهم أولى بالاتباع من باقى الصحابة إذا وقع بينهم الخلاف فيه، وإنما ذكر سنتهم في مقابلة سنته لأنَّه علم أنهم لا يخطئون فيما يستخرجونه ويستنبطونه من سنته بالاجتهاد، ولأنهم المهتدون للشريعة الذين فهموا دين الله بالتلقى من نبيه مشافهة على علم وبصيرة بمواطن التشريع وقرائن الأحوال فكان ما اجتهدوا فيه حجة بشهادة الرسول -صلى الله عليه وسلم- لهم بذلك، ولأنه عرف أن بعض سنته لا تشتهر إلَّا في زمانهم فأضاف إليهم لبيان أن من ذهب إلى رد تلك السنة مخطئ فأطلق القول باتباع سنتهم سدًّا للباب، كالأشياء التى سكت عنها الشارع لعدم المقتضى لها في زمانه صلوات الله وسلامه عليه ثم وجد الموجب لها بعد وفاته فاحتاج الصحابة إلى النظر فيها وإدخالها تحت ما تبين من الكليات التى كمل بها الدين كجمع المصحف وتضمين الصناع والجد الإخوة وعول الفرائض، وما إلى ذلك مما لم تدع الحاجة في زمانه صلوات الله وسلامه عليه إلى تقريره وبيانه " عَضُّوا "-بفتح العين- وضمها لحن فعل أمر "عليها": أي على تلك السنة الصادقة بسنته وسنة الخلفاء ولم يثن الضمير لما عدمت أن سنة الخلفاء من سنته " بالنواجذ " بذال معجمة الأنياب،

وقيل: الأضراس، وهو كناية عن شدة التمسك بالسنة والجد في

<<  <   >  >>