للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَاعْلَم أَن المصادر لَا تمْتَنع من إِضْمَار أفعالها " ذَا ذكرت مَا يدل عَلَيْهَا، أَو كَانَ بالحضرة مَا يدل على ذَلِك وقياسها قِيَاس سَائِر الْأَسْمَاء فى رَفعهَا ونصبها وخفضها، إِلَّا أَنَّهَا تبدل من أفعالها أَلا ترى قَوْله عز وَجل: {فِي أَرْبَعَة أَيَّام سَوَاء للسائلين} أَن قَوْله (أَرْبَعَة) قد دلّ على أَنَّهَا قد تمت فَكَأَنَّهُ قَالَ: اسْتَوَت اسْتِوَاء وَمثله: {الَّذِى أَحْسَنَ كُلَّ شَئْ خَلقَهُ} ؛ [لِأَن فعله خلَق] فَقَوله (أحسن) ؛ أى خلق حسنا خلقا، ثمَّ أَضَافَهُ وَمثل ذَلِك: {وعد الله} ؛ لِأَنَّهُ لما قَالَ: {ويومئذ يفرح الْمُؤْمِنُونَ بنصر الله} علم أَن ذَلِك وعد مِنْهُ، / فَصَارَ بِمَنْزِلَة: وعدهم وَعدا، ثمَّ أَضَافَهُ وَكَذَلِكَ: {كتاب الله عَلَيْكُم} لما قَالَ: {حرمت عَلَيْكُم أُمَّهَاتكُم} أعلمهم أَن ذَلِك مَكْتُوب عَلَيْهِم، فَكَأَنَّهُ قَالَ: كتب الله ذَلِك وَمن زعم أَن قَوْله: {كتاب الله عَلَيْكُم} نصب بقوله: عَلَيْكُم كتاب الله - فَلَيْسَ يدرى مَا الْعَرَبيَّة؛ لِأَن الْأَسْمَاء الْمَوْضُوعَة مَوضِع الْأَفْعَال لَا تتصرف تصرف الْأَفْعَال، فتنصب مَا قبلهَا فَمن ذَلِك قَوْله:

(مَا إِن يمس الأَرْض إِلَّا منْكب ... مِنْهُ وحرف السَّاق طى الْحمل)

وَذَلِكَ أَنه دلّ بِهَذَا الْوَصْف على أَنه منطو فَأَرَادَ: طوى طى الْمحمل فَهَذِهِ أَوْصَاف تبدل من الْفِعْل، لدلالتها عَلَيْهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>