(هَذَا بَاب مَا لَا يكون الِاسْتِثْنَاء فِيهِ إِذا أبدل إِلَّا على الْموضع لِامْتِنَاع اللَّفْظ مِنْهُ)
وَذَلِكَ قَوْلك ماجاءني من أحد إِلَّا زيد على الْبَدَل لِأَن من زَائِدَة وَإِنَّمَا تزاد فِي النَّفْي وَلَا تقع فِي الْإِيجَاب زَائِدَة لِأَن الْمَنْفِيّ المنكور يَقع واحده فِي معنى الْجَمِيع فَتدخل من لإبانة هَذَا الْمَعْنى وَذَلِكَ قَوْلك مَا جَاءَنِي رجل فَيجوز أَن تَعْنِي رجلا وَاحِدًا وَتَقَع الْمعرفَة فِي هَذَا الْموضع تَقول مَا جَاءَنِي عبد الله فَإِذا قلت مَا جَاءَنِي من رجل لم يَقع ذَلِك إِلَّا للْجِنْس كُله وَلَو وضعت فِي مَوضِع هَذَا المنكور مَعْرُوفا لم يجز لَو قلت مَا جَاءَنِي من عبد الله كَانَ محالا لِأَنَّهُ مَعْرُوف بِعَيْنِه فَلَا يشيع فِي الْجِنْس
فَإِذا قلت جَاءَنِي لم تقع من هَا هُنَا زَائِدَة لِأَن معنى الْجَمِيع هَا هُنَا مُمْتَنع لإحاطته بِالنَّاسِ أَجْمَعِينَ كَمَا كَانَ هُنَاكَ نفيا لجميعهم
فَإِذا قلت مَا جَاءَنِي من رجل إِلَّا زيد كَانَ خلفا أَن تَقول إِلَّا زيد لِأَنَّك لَو أبدلته من رجل على اللَّفْظ قلت مَا جَاءَنِي إِلَّا من زيد فَلذَلِك قلت مَا جَاءَنِي من أحد إِلَّا زيد لِأَن من وَمَا بعْدهَا فِي مَوضِع رفع وَلَوْلَا ذَلِك لَكَانَ يَخْلُو الْفِعْل من فَاعل
وَكَذَلِكَ مَا رَأَيْت من أحد إِلَّا زيدا وَلَيْسَ زيد بِشَيْء إِلَّا شَيْئا لَا يعبأ بِهِ وَلَو قلت