وَتقول فِي بَاب مِنْهُ وَهُوَ أَن تُؤخر صفة الأول تَقول مَا جَاءَنِي أحد إِلَّا زيد خير مِنْك التَّقْدِير مَا جَاءَنِي أحد خير مِنْك إِلَّا زيد
فَأَنت فِي هَذَا مُخَيّر إِن شِئْت نصبت زيدا لِأَن الأول بِمَنْزِلَة الْمُتَأَخر لتأخر نَعته فَلم تقدم الْمُسْتَثْنى لتبدله من شَيْء لم يتم إِذا كَانَ لَا يعرف إِلَّا بوصفه فقد صَار صفة بِمَنْزِلَة مَا هُوَ مَوْصُول بِهِ
أَلا ترى أَنَّك لَو قلت رَأَيْت زيدا الْأَحْمَر وَهُوَ لَا يعرف إِلَّا بِهَذَا النَّعْت لم يكن قَوْلك رَأَيْت زيدا مغنيا
وَأما من أبدل مِنْهُ فَيَقُول الْوَصْف تَابع مُسْتَغْنى عَنهُ وَإِنَّمَا أبدل من الْمَوْصُوف لَا من من وَصفه وَلَيْسَ الْمُبدل مِنْهُ بِمَنْزِلَة مَا لَيْسَ فِي الْكَلَام إِنَّمَا أبدلت للتبيين وَلم تقل إِنَّه نعت لِأَنَّهُ جَوْهَر لَا ينعَت بِهِ
وَلَو كَانَ الْبَدَل يبطل الْمُبدل مِنْهُ لم يجز أَن تَقول زيد مَرَرْت بِهِ أبي عبد الله لِأَنَّك لَو لم تَعْتَد بِالْهَاءِ فَقلت زيد مَرَرْت بِأبي عبد الله كَانَ خلفا لِأَنَّك جعلت زيدا ابْتِدَاء وَلم ترد إِلَيْهِ شَيْئا فالمبدل مِنْهُ مُثبت فِي الْكَلَام
وَإِنَّمَا سمي الْبَدَل بَدَلا لدُخُوله لما عمل فِيهِ مَا قبله على غير جِهَة الشّركَة
وَكَانَ سِيبَوَيْهٍ يخْتَار مَا مَرَرْت بِأحد إِلَّا زيد خير مِنْك لِأَن الْبَدَل إِنَّمَا هُوَ من الِاسْم لَا من نَعته والنعت فضلَة يجوز حذفهَا
وَكَانَ الْمَازِني يخْتَار النصب وَيَقُول إِذا أبدلت من الشَّيْء فقد اطرحته من لَفْظِي وَإِن كَانَ فِي الْمَعْنى مَوْجُودا فَكيف أَنعَت مَا قد سقط