إِلَى اكْتِسَاب المعلوات والانتداب. برز فِي حمل الحَدِيث وَرِوَايَته، واجتنى ثَمَرَة رحْلَة أَبِيه وَهُوَ فِي حجر دايته، وَدون الْآن الفهارس، وأحيى الْأَثر الدارس، وارتقى من الْبِدَايَة إِلَى الْمحل النبيه، وَاسْتحق رتبتها من مَحل أَبِيه، فأينع روضه وتأطر، وتأرج دوحه وتعطر. وَله شعر أنيق الْحِلْية، جَار فِي نمط الْعلية، وسيمر فِي أَثْنَائِهِ مَا يدل على قدره، وَيشْهد بسعة صَدره.
وَفِي وصف أبي جَعْفَر بن صَفْوَان المالقى
فَارس البلاغة الْمعلم، وَحجَّة الْأَدَب الَّتِي تسلم، والبطل الَّذِي لَا ترد شياة نَقده، وَلَا تحل مبرمات عقده، من جهبذ رَاض صعاب الْبَيَان وساسها، وميز أَنْوَاعهَا وأجناسها، وَأحكم ضروب الْعبارَة ونظم قياسها، إِلَى ذهن يَأْتِي الغوامض فتنبلج، ويقرع أَبْوَاب المعميات فيلج، وهمة يود فرقد السما وسهاها أَن تبلغ مُنْتَهَاهَا. أَخذ من الْفُنُون بِنَصِيب، وَرمى فِي أغراض التعاليم بِسَهْم مُصِيب، فركض فِي مجالها، ورحل إِلَى لِقَاء رجالها. ودعى لأوّل أمره للكتابة لما اشتهرت براعته، وأثمرت بالمعاني الغريبة يراعته، فَأجَاب وامتثل، وراش سِهَام بَيَانه ونثل، ثمَّ كرّ والدولة قد رجفت مِنْهَا الْقَوَاعِد، وأنجزت بإدالتها المواعد، فاصطنعته الدولة الإسماعيلية لجنابها، وقلدته سر كتابها، والهيجاء تَدور رحاها، والأمور لَا يتَبَيَّن منحاها، فَلَمَّا وضعت الْحَرْب أَوزَارهَا، وخفضت الْأُمُور أزارها، آثر الرُّجُوع إِلَى وَطنه، وأجرى هَوَاهُ فِي ذَلِك فضل رسنه، وضلت الْخدمَة عَنهُ فَمَا نشدها، وَقصر نَفسه على مَا يُقيم أودها، وَلم يثن بعد الْكر عنانه، وَلَا أعمل فِي خدمَة ملك بنانه، وكل مَا صدر عَنهُ من نظم تروق أسرته، وتتشوق إِلَيْهِ تيجان الْملك وأسرته، فالتصوف مجاله، وَفِي غَرَضه رويته وارتجاله.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute