فِي وصف الْكَاتِب أبي عبد الله اللوشى
شَاعِر مفلق، وحسيب معرق، طبق مفاصل الْكَلَام بحسام لِسَانه، وقلد نجور الْمُلُوك مَا يرزى بجواهر السلوك من إحسانه، وَنَشَأ فِي حجر الدول النصرية، راضعا ثدي إنعامها، ومستظلا بسمائها، ومفضلا على مداحها، وحائزا الْمُعَلَّى من قداحها، ولسلفه بخدمتها الِاخْتِصَاص الْقَدِيم، والمزية والتقديم، والمتات الَّذِي كرم ذمامه، وَاسْتقر فِي يَد الرعى زمامه، ونطق بالشعر قبل أَن ينْطق بالشعر خَدّه، فَأتى مِنْهُ ببحر لَا يعرف الجزر مده، وَأما الطَّرِيقَة الهزلية، فَهُوَ فَارس مجالها، وَإِمَام رجالها، وَرب رويتها وارتحالها، وَله همة تبذ من يباريها، وأخلاق تفْتَقر إِلَى من يداريها، طُولِبَ فِيمَا فرط بالحضور مَعَ الْكتاب، وملازمة خدمَة الْبَاب، فَتنحّى على عَادَته، وتوعد بِإِسْقَاط مرتبته فَلم يرغب فِي إِعَادَته، بل كبر على الْخدمَة أَرْبعا وَسلم، وَلَا ارتمض لَهَا وَلَا تألم، وَعَكَفَ على إِقَامَة أوده بانتجاع غلَّة بِظَاهِر بَلَده، بَاشَرَهَا بِنَفسِهِ وَجعلهَا معنى رَاحَته وَمعنى حسه، واتخذها وقاية لما وَجهه إِلَى أَن يحل فِي رمسه، وَهُوَ من أهل الوفا وَحفظ الْعَهْد، والمشاركة فِي الرخَاء والجهد، والانقباض عَن هَذَا الْعرض والزهد، إِلَى حسب تطرزت الدفاتر بآثاره، وتضوع الحبر مسكا بأخبار أخباره، وَشعر بلغ فِي الإجادة الْغَايَة وَرفع للمحسنين الرَّايَة،
وَمن ذَلِك فِي وصف أبي بكر بن الْحَكِيم
ماجد أَقَامَ رسم الْمجد بعد عفائه، وَأَيْقَظَ طرفه بعد إغفائه، مَحَله مَحل ضيفان، ومنزع جفان، ومنهل وَارِد، ومظنة ضال من الْعلَا وشارد، مثواه لَا يَخْلُو عَن قرى جزيل، لقاصد ونزيل، إِلَى غير ذَلِك من التحلي بحلية الْآدَاب، والمبادرة
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute