وَفِي وصف أبي إِسْحَق بن زَكَرِيَّا
حَامِل لِوَاء الْخط، وَالْمُنْفَرد بِأَحْكَام الْمشق والقط، وَمن تفْتَقر إِلَى بنانه المخاطبات السلطانيات افتقار الْمَشْرُوط إِلَى الشَّرْط. شَدِيد التحفظ، مُقَدّر الْكَلَام حِين التَّلَفُّظ، عَظِيم البشاشة وَالْبر أَمِين على السِّرّ، إِلَى نفس مجبولة على الْخَيْر، وأخلاق حَسَنَة السِّيرَة، رفيعة السّير، وحياء كثف جلبابه، وسد فِي وَجه الدنية بَابه، وكلف بِالْعلمِ وأوضاعه، والتطلع على رقاعه، ويكفيه فضلا لَا تخبو آثاره، وَلَا يخفى مناره، مَا خلد من كَلَام شيخ الْجَمَاعَة، وَعلم الصِّنَاعَة، فقد أودعهُ بطُون الأوراق، وَجمعه بعد الِافْتِرَاق، وأطلع نوره بَادِي الْإِشْرَاق، وألبس الْأَيَّام بِهِ حللا أبهى من حلل صنعا الْعرَاق، وَالشعر وَإِن كَانَ قَلِيلا مَا يعْنى بإجادة صناعته، ومعاناة بضاعته، فحظه مِنْهُ لطيف الهبوب، حسن الأسلوب،
وَمن ذَلِك فِي وصف أبي إِسْحَق بن الْحَاج
طلع شهابا ثاقبا، وَأصْبح بِشعرِهِ للشعرى مصاقبا، فنجم فبرع، وتمم الْمعَانِي واخترع، وكلف بالآداب، وَهُوَ غُلَام يافع، وَله من الْحسن لكل قلب شَافِع، فأترع كأسه، ونضد ريحانه وأسه، وَنبهَ للصبوح من بعد الذكرى باسه. وَلم يزل دوحه يتأرج، وعقايل بدايعه تتبرج، حَتَّى دعى للكتابة، وترشح لتِلْك المثابة، فطرز المهارق برقوم أقلامه، وشنف المسامع بدرر كَلَامه، وأزمع للرحيل، لما خَافَ على بضائعه الضّيَاع، فَركب الْفلك وَشرع الشراع، فحج وزار، وَشد للطَّواف الْإِزَار، ثمَّ هفا إِلَى الْمغرب وحوم، وقفل قفول النسيم على الرَّوْض بعد مَا تلوم، فاستقر تَحت ظلال الدولة الموحدية، فحط بهَا على نَار الْقرى وَحمد عِنْدهَا صباح السرى، ثمَّ لم يلبث أَن تنقل وَوجد الْجَحِيم فعافه وتنقل، وَهُوَ الْآن فِي جملَة كتاب الْمغرب، حساما فِي البلاغة دامي المضرب.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute