للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

غَزَالٌ لَهُ مُقْلَةٌ ... يُصِيبُ بِهَا مَنْ يَشَا

وَشَى بَيْنَنَا حَاسِدٌ ... سَيُسْأَلُ عَمَّا وَشَا

وَلَوْ شَاءَ أَنْ يرْتَشِي ... عَلَى الْوَصْلِ رُوحِي ارْتَشَى

وَمُغَنٍّ مُحْسِنٍ يُسَايِرُهُ فَلَمَّا بَلَغَ هَذَا الْمَبْلَغِ انْقَطَعَ أَسْلَمُ عَنْ جَمِيعِ مَجَالِسِ الطَّلَبِ وَلَزِمَ بَيْتَهُ وَالْجُلُوسَ عَلَى بَابِهِ وَكَانَ أَحْمَدُ بْنُ كُلَيْبٍ لَا شُغْلَ لَهُ إِلا الْمُرُورَ عَلَى بَابِ دَارِ أَسْلَمَ سَائِرًا أَوْ مُقْبِلا نَهَارَهُ كُلَّهُ فَانْقَطَعَ أَسْلَمُ عَنِ الْجُلُوسِ عَلَى بَابِ دَارِهِ نَهَارًا فَإِذَا صَلَّى الْمَغْرِبَ وَاخْتَلَطَ الظَّلامُ خَرَجَ مُسْتَرْوِحًا وَجَلَسَ عَلَى بَابِ دَارِهِ فَعِيلَ صَبْرُ أَحْمَدَ بْنِ كُلَيْبٍ فَتَحَيَّلَ فِي بَعْضِ اللَّيَالِي وَلَبِسَ جُبَّةَ صُوفٍ مِنْ جُبَابِ أَهْلِ الْبَادِيَةِ وَاعْتَمَّ بِمِثْلِ عَمَائِمِهِمْ وَأخذ بِإِحْدَى يَدَيْهِ دجاحا وَبِالْيَدِ الأُخْرَى قَفَصًا فِيهِ بَيْضٌ كَأَنَّهُ قَدِمَ مِنْ بَعْضِ الضِّيَاعِ وَتَحَيَّنَ جُلُوسَ أَسْلَمَ عِنْدَ اخْتِلاطِ الظَّلامِ عَلَى بَابِهِ فَتَقَدَّمَ إِلَيْهِ وَقَبَّلَ يَدَهُ وَقَالَ يَا مَوْلايَ مَنْ يَقْبِضُ هَذَا فَقَالَ لَهُ أَسْلَمُ مَنْ أَنْتَ قَالَ أَجِيرُكَ فِي الضَّيْعَةِ الْفُلانِيَّةِ وَقَدْ كَانَ تَعَرَّفَ أَسْمَاءَ ضِيَاعِهِ وَالْعَامِلِينَ فِيهَا فَأَمَرَ أَسْلَمُ غِلْمَانَهُ بِقَبْضِ ذَلِكَ مِنْهُ عَلَى عَادَتِهِمْ فِي قُبُولِ هَدَايَا الْعَامِلِينَ فِي ضِيَاعِهِمْ ثُمَّ جَعَلَ يَسْأَلُهُ عَنْ أَحْوَالِ الضَّيْعَةِ فَلَمَّا جَاوَبَهُ أَنْكَرَ الْكَلامَ فَتَأَمَّلَهُ فَعَرَفَهُ فَقَالَ لَهُ يَا أَخِي إِلَى هَا هُنَا تتبعني أما كَفَاكَ انْقِطَاعِي عَنْ مَجَالِسِ الطَّلَبِ وَعَنِ الْخُرُوجِ جُمْلَةً وَعَنِ الْقُعُودِ عَلَى بِابِي نَهَارًا حَتَّى قَطَعْتَ عَلَيَّ جَمِيعَ مَالِي فِيهِ رَاحَةً فَقَدْ صِرْتَ فِي سِجْنِكَ وَاللَّهِ لَا فَارَقَتُ بَعْدَ هَذِهِ اللَّيْلَةِ قَعْرَ مَنْزِلِي وَلا جَلَسْتُ بَعْدَهَا عَلَى بَابِي لَا لَيْلا وَلا نَهَارًا

ثُمَّ قَامَ وَانْصَرَفَ أَحْمَدُ بْنُ كُلَيْبٍ حَزِينًا كَئِيبًا

قَالَ مُحَمَّدٌ وَاتَّصَلَ ذَلِكَ بِنَا فَقُلْنَا لأَحْمَدَ بْنِ كُلَيْبٍ خَسِرْتَ دَجَاجَكَ وَبَيْضَكَ فَقَالَ هَاتِ كُلِّ لَيْلَةٍ قُبْلَةَ يَدِهِ وَأَخْسَرُ أَضْعَافَ ذَلِكَ

<<  <   >  >>