قَالَ فَلَمَّا يَئِسَ مِنْ رُؤْيَتِهِ الْبَتَّةَ نهكته الْعلَّة وأضجعه المرضى
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ فَأَخْبَرَنِي شَيْخُنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَطَّابٍ قَالَ فَعُدْتُهُ فَوَجَدْتُهُ بِأَسْوَإِ حَالٍ فَقُلْتُ لَهُ وَلِمَ لَا تَتَدَاوَى فَقَالَ دوائي مرعوف وَأَمَّا الأَطِّبَاءُ فَلا حِيلَةَ لَهُمْ فِيَّ الْبَتَّةَ فَقُلْتُ لَهُ وَمَا دَوَاؤُكَ قَالَ نَظْرَةٌ مِنْ أَسْلَمَ فَلَوْ سَعَيْتُ فِي أَنْ يَزُورَنِي لأَعْظَمَ اللَّهُ أَجْرَكَ بِذَلِكَ وَأَجْرَهُ
قَالَ فَرَحِمْتُهُ وَتَقَطَّعَتْ نَفْسِي لَهُ حَسْرَةً فَنَهَضْتُ إِلَى أَسْلَمَ فَاسْتَأْذَنْتُ عَلَيْهِ فَأَذِنَ لِي وَتَلَقَّانِي بِمَا يَجِبُ فَقُلْتُ لَهُ لِي حَاجَةً فَقَالَ وَمَا هِيَ قُلْتُ قَدْ عَلِمْتُ مَا جَمَعَكَ مَعَ أَحْمَدَ بْنِ كُلَيْبٍ مِنْ ذِمَامِ الطَّلَبِ عِنْدِي فَقَالَ نَعَمْ وَلَكِنْ قَدْ تَعْلَمُ أَنَّهُ بَرَّجَ بِي وَشَهَّرَ اسْمِي وَآذَانِي فَقُلْتُ لَهُ كُلُّ ذَلِكَ يُغْتَفَرُ فِي مِثْلِ هَذِهِ الْحَالِ الَّتِي هُوَ فِيهَا وَالرَّجُلُ يَمُوتُ فَتَفَضَّلْ بِعِيَادَتِهِ فَقَالَ لِي وَاللَّهِ مَا أَقْدِرُ عَلَى ذَلِكَ فَلا تُكَلِّفُنِي هَذَا فَقُلْتُ لَا بُدَّ مِنْ ذَلِكَ فَلَيْسَ عَلَيْكَ فِيهِ شَيْءٌ وَإِنِّمَا هِيَ عِيَادَةُ مَرِيضٍ
قَالَ وَلَمْ أَزَلْ بِهِ حَتَّى أَجَابَ فَقُلْتُ لَهُ فَقُمِ الآنَ فَقَالَ لَسْتُ وَاللَّهِ أَفْعَلُ وَلَكِنْ غَدًا فَقُلْتُ لَهُ وَلا خُلْفَ قَالَ نَعَمْ
فَانْصَرَفْتُ إِلَى أَحْمَدَ بْنِ كُلَيْبٍ فَأَخْبَرْتُهُ بِوَعْدِهِ بَعْدَ تَأَبِّيهِ فَسُرَّ بِذَلِكَ وَارْتَاحَتْ نَفْسُهُ فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ بَكَّرْتُ إِلَى أَسْلَمَ وَقُلْتُ لَهُ الْوَعْدَ قَالَ فَوَجِمَ وَقَالَ وَاللَّهِ لَقَدْ تَحْمِلُنِي عَلَى خِطَّةٍ صَعْبَةٍ عَلَيَّ وَمَا أَدْرِي كَيْفَ أَطِيقُ ذَلِكَ قَالَ فَقُلْتُ لَهُ لَا بُد أَن تَقِيّ بِوَعْدِكَ لِي قَالَ فَأَخَذَ رِدَاءَهُ وَنَهَضَ مَعِي رَاجِلا قَالَ فَلَمَّا أَتَيْنَا مَنْزِلَ أَحْمَدَ بْنِ كُلَيْبٍ وَكَانَ يَسْكُنُ فِي دَرْبٍ طَوِيلٍ وَتَوَسَّطَ الزُّقَاقَ وَقَفَ وَاحْمَرَّ وَخَجِلَ وَقَالَ لِي يَا سَيِّدِي السَّاعَةَ وَاللَّهِ أَمُوتُ وَمَا أَسْتَطِيعُ نَقْلَ قَدَمَيَّ وَلا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَعْرِضَ هَذَا عَلَى نَفْسِي فَقُلْتُ لَا تَفْعَلْ بَعْدَ أَنْ بَلَغْتَ الْمَنْزِلَ تَنْصَرِفُ قَالَ لَا سَبِيلَ إِلَى ذَلِكَ وَاللَّهِ الْبَتَّةَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute