للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

على إضاعتها. وقوله: «يسعى بها» أي: يتولاها ويذهب ويجيء، والمعنى: أن ذمة المسلمين سواء صدرت من واحد أو أكثر شريف أو وضيع، فإذا أمَّن أحدٌ من المسلمين كافرًا وأعطاه ذمةً لم يكن لأحد نقضه، فيستوي في ذلك الرجل والمرأة والحرُّ والعبد، لأن المسلمين كنفس واحدة. وقوله: «فمن أخفر» أي: نقض العهد، يقال: خفرته بغير ألف: أمَّنته، وأخفرته: نقضت عهده». (١)

وقد وردت أحاديث صحيحة في بيان أهمية الوفاء للمعاهَد بعهده، ووجوب المحافظة على حياته، والتحذير من الغدر به:

فعَنْ عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما: عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، قال: «مَنْ قَتَلَ نَفْسًا معاهَدًا؛ لم يَرَحْ رائحةَ الجنَّةِ، وإنَّ ريحها تُوجَدُ من مسيرةِ أربعينَ عامًا». (٢)

وفي روايةٍ: «مَنْ قتل قتيلاً من أهل الذِّمَّة؛ لم يجد ريحَ الجنة، وإنَّ ريحها ليُوجَد من مسيرةِ أربعينَ عامًا». (٣)

وعن أبي بكرة الثَّقَفيِّ رضي الله عنه، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ قتلَ معاهَدًا في غير كُنْهِهِ؛ حرَّمَ الله عليه الجنَّةَ». (٤)


(١) «فتح الباري شرح صحيح البخاري» (٤/ ١١٢:١٨٧٠).
(٢) أخرجه البخاري في «الصحيح» (٣١٦٦ و ٦٩١٤)، وابن ماجه في «السنن» (٢٦٨٦).
(٣) صحيح: أخرجه أحمد في «المسند» (٢/ ١٨٦:٦٧٤٥)، والنسائي في «المجتبى» (٨/ ٢٥:٤٧٥٠)، وفي «السنن الكبرى» (٦٩٥٢ و ٨٧٤٢).
(٤) صحيح: أخرجه أحمد في «المسند» (٥/ ٣٦:٢٠٣٧٧)، وفي (٥/ ٣٩:٢٠٤٠٣)، والدارمي في «السنن» (٢٥٠٤)، وأبو داود في «السنن» (٢٧٦٠)، والنسائي في «المجتبى» (٨/ ٢٥:٤٧٤٧)، وفي «السنن الكبرى» (٦٩٤٩)، وابن الجارود في «المنتقى» (٨٣٥ و ١٠٧٠)، والحاكم في «المستدرك» (٢/ ١٤٢)، وقال: هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه.
وقوله: «في غير كنهه» قال ابن الأثير في «النهاية» (مادة: كنه): «كُنْهُ الأمْر: حَقيقته. وقيل: وَقْته وقَدْرُه. وقيل: غايَتُه. يعني: مَن قَتَله في غيْرِ وَقْته أو غايةِ أمْرِه الذي يجوز فيه قَتْلُه».

<<  <   >  >>