للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال أبو بكر ابن العربي رحمه الله (١): «استجارك: معناه سأل جوارك، أي: أمانك وذِمَامك، فأعطه إيَّاه ليسمع القرآن، فإن قبل أمرًا فحسن، وإن أبَى فرُدَّه إلى مأمنه. والآية إنَّما هي فيمن يريد سماع القرآن، والنظر في الإسلام، فأما الإجارة لغير ذلك فإنما هي لمصلحة المسلمين، والنظر فيما يعود عليهم به منفعته». (٢)

وعن عليِّ بن أبي طالبٍ رضي الله عنه: عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، قال: «ذِمَّةُ المسلمينَ واحدةٌ، يَسْعَى بها أدناهُم، فمَنْ أَخفَرَ مسلمًا؛ فعليه لعنةُ الله والملائكةِ والنَّاسِ أجمعينَ، لا يُقبَلُ منه صرفٌ ولا عَدْلٌ». (٣)

قال ابن حجر رحمه الله (٤): «قوله: «ذمة المسلمين واحدة» أي: أمانُهم صحيحٌ، فإذا أمَّن الكافرَ واحدٌ منهم حرم على غيره التعرُّض له، وللأمان شروط معروفة، وقال البيضاويُّ (٥): الذِّمَّةُ: العهد، سُمِّي بها لأنه يُذَمُّ متعاطيها


(١) محمد بن عبد الله بن محمد المعافريُّ الأندلسيُّ (ت: ٥٤٣/ ١١٤٨)، من أئمة المالكية، فقيه محدِّث مفسر أصولي أديب متكلِّم. له مؤلفات كثيرة منها: «عارضة الأحوذي في شرح الترمذي»، و «القبس في شرح موطأ مالك بن أنس» و «العواصم من القواصم»، و «أحكام القرآن». مترجم في: «سير أعلام النبلاء» (٢٠/ ١٩٧:١٢٨).
(٢) «أحكام القرآن» (٢/ ٤٥٨)، ونقله القرطبيُّ في «الجامع لأحكام القرآن» [التوبة: ٦]، وقال: «وهذا لا خلاف فيه».
(٣) أخرجه البخاريُّ في «الصحيح» (١٨٧٠)، ومسلم في «الصحيح» (١٣٧٠).
(٤) أبو الفضل أحمد بن علي بن محمد العَسْقَلاني الشافعي (ت: ٨٥٢/ ١٤٤٨) عالم محدِّث فقيه، صاحبُ أشهر شرح لصحيح الإمام البخاري، أصله من عسقلان بفلسطين، ومولده ووفاته بالقاهرة. مترجم في «الأعلام» (١/ ١٧٨).
(٥) أبو الخير عبدُ الله بن عمر بن محمد البيضاويُّ (ت: ٦٩١/ ١٢٩٢)، قاضٍ وفقيه أصولي متكلِّم، ولد في مدينة البيضاء قرب شيراز، وتوفي في تبريز. من مؤلفاته: «المنهاج الوجيز» في أصول الفقه، وتفسيره الشهير: «أنوار التنزيل وأسرار التأويل». مترجم في «الأعلام» (٤/ ١١٠).

<<  <   >  >>