للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وعن أبي هُريرةَ رضي الله عنه: أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «أَلا مَنْ قتَلَ نَفْسًا معاهَدًا، له ذِمَّةُ الله وذِمَّةُ رسولِهِ؛ فقد أَخْفَرَ بذِمَّة الله، فلا يُرَحْ رائحةَ الجنَّة، وإنَّ ريحها ليوجَدُ من مسيرةِ سبعينَ خريفًا». (١)

فدلَّت آية الاستجارة وهذه الأحاديثُ: على أنَّ من قدم من دار الحرب إلى دار الإسلام في أداء رسالةٍ، أو في تجارةٍ أو طلب علمٍ أو سياحةٍ، أو في طلب صلحٍ أو مهادنةٍ، أو في غير ذلك من الأسباب؛ فطلب من الإمام، أو نائبه أمانًا؛ أُعطي أمانًا ما دام متردِّدًا في دار الإسلام، وحتى يرجع إلى مأمنه ووطنه. (٢)

وهذا الحكم يشمل الذميَّ الذي اختار المواطنة الدَّائمة في بلدٍ إسلاميٍّ من باب الأولى، فقتله أعظم من قتل المعاهَد والمؤمَّن لمدَّةٍ محدَّدةٍ (٣)، لهذا ترجم البخاريُّ رحمه الله (٤) على الحديث الأول بقوله: «بابٌ: إثم مَن قتل ذميًّا بغير جُرمٍ». وقال ابن حجر في شرحه: «كذا ترجم بالذِّميِّ، وأورد الخبرَ في المعاهد، وترجم في «الجزية» بلفظ: «من قتل معاهدًا»؛ كما هو ظاهر الخبر،


(١) أخرجه ابن ماجه في «السنن» (٢٦٨٧)، والترمذي في «الجامع» (١٤٠٣)، والحاكم في «المستدرك» (٢/ ١٢٧). وقال الترمذي: «حسن صحيح»، وصححه الحاكم على شرط مسلم، وصححه الألباني في «صحيح ابن ماجه» (٢١٧٦).
(٢) قال بنحو هذا ابنُ كثير: «تفسير القرآن العظيم» [التوبة: ٦].
(٣) «نهاية المحتاج» (٧/ ٢٤٦)، و «حاشية الجمل» (٥/ ٢).
(٤) أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاريُّ (ت: ٢٥٦/ ٧٨٠): الإمامُ الحافظ صاحب «الجامع الصحيح» المشهور بصحيح البخاري. وكان آية في الحفظ والفقه وسعة العلم والذكاء. ولد في بخارَى ونشأ يتيمًا، قام برحلة طويلة في طلب العلم، وتوفي في خَرْتَنك؛ قرية من قُرى سمرقند. مترجم في «سير أعلام النبلاء» (١٢/ ٣٩١:١٧١).

<<  <   >  >>