للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

للكافر، فإنَّهم يصرِّحون بتحريمه، لأنَّ مال المسلم معصومٌ، فلا يجوز له بذله ـ ولو برضاه ـ في وجهٍ محرَّمٍ.

قال ابنُ الهُمَام رحمه الله (١): «إلا أنَّه لا يخفى أنَّه إنَّما يقتضي حلَّ مباشرة العقد إذا كانت الزيادة ينالُها المسلمُ، والرِّبا أعمُّ من ذلك إذ يشمل ما إذا كان الدرهمان من جهة المسلم ومن جهة الكافر، وجواب المسألة بالحلِّ عامٌّ في الوجهين، وكذا القمارُ قد يفضي إلى أن يكون مال الخَطَرِ للكافر بأن يكونُ الغَلَبُ له. فالظَّاهر أنَّ الإباحة تفيد نيل المسلم الزيادةَ، وقد التزم الأصحاب في الدَّرْسِ (٢): أنَّ مرادَهم من حلِّ الرِّبا والقمار ما إذا حصلت الزيادةُ للمسلم نظرًا إلى العلة، وإن كان إطلاق الجواب خلافه، والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب». (٣)

ونقله ابنُ عابدين الدمشقيُّ رحمه الله (٤) وأيَّده بقوله: «ويدلُّ على ذلك ما في «السِّير الكبير» وشرحه حيث قال: «وإذا دخل المسلمُ دار الحرب بأمانٍ؛ فلا بأس بأن يأخذ منهم أموالهم بطيب أنفسهم، بأيِّ وجهٍ كان، لأنَّه إنَّما أخذ المباح على وجه عَريَ عن الغدر، فيكون ذلك طيِّبًا له، والأسير والمستأمن سواء، حتى لو باعهم درهمًا بدرهمين، أو باعهم ميتةً بدراهم، أو أخذ مالاً


(١) كمال الدين محمد بن عبد الواحد السيواسي ثم الإسكندري المعروف بابن الهُمام (ت: ٨٦١/ ١٤٥٧): من كبار علماء الحنفية، عارف بأصول الديانات والتفسير والفرائض والفقه والحساب واللغة والمنطق. أشهر كتبه: «فتح القدير» في شرح «الهداية» للمرغيناني. مترجم في: «الأعلام» (٦/ ٢٥٥).
(٢) يعني: أنَّ فقهاء الحنفيَّة التزموا في تدريسهم هذه المسألة لطلاب العلم بيان القيد الذي سيذكره.
(٣) «فتح القدير» (٧/ ٣٩).
(٤) محمد أمين بن عمر بن عبد العزيز عابدين الدمشقي (ت: ١٢٥٢/ ١٨٣٦): فقيه الدِّيار الشامية وإمام الحنفية في عصره، من مؤلفاته: «رد المحتار على الدر المختار» يعرف بحاشية ابن عابدين، و «مجموعة رسائل». مترجم في «الأعلام» (٦/ ٤٢).

<<  <   >  >>