. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الْمُشْرِكِينَ عَلَى غَيْرِ مَالٍ يُؤْخَذُ مِنْهُمْ، وَذَلِكَ جَائِزٌ إذَا كَانَ بِالْمُسْلِمِينَ ضَعْفٌ، وَقَدْ تَقَدّمَ مُصَالَحَتُهُمْ عَلَى مَالٍ يُعْطُونَهُ فِي غَزْوَةِ الْخَنْدَقِ، وَاخْتُلِفَ: هَلْ يَجُوزُ صُلْحُهُمْ إلَى أَكْثَرَ مِنْ عَشْرِ سِنِينَ؟ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: يَجُوزُ ذَلِكَ إذَا رَآهُ الْإِمَامُ، وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لَا يَتَجَاوَزُ فِي صُلْحِهِمْ إلَى أَكْثَرَ مِنْ عَشْرِ سِنِينَ، وَحُجّتُهُمْ أَنّ حَظْرَ الصّلْحِ هُوَ الْأَصْلُ بِدَلِيلِ آيَةِ الْقِتَالِ، وَقَدْ وَرَدَ التّحْدِيدُ بِالْعَشْرِ فِي حَدِيثِ ابْنِ إسْحَاقَ فَحَصَلَتْ الْإِبَاحَةُ فِي هَذَا الْمِقْدَارِ متحقّقة، وبقيت الزيادة على الأصلى وَهُوَ الْحَظْرُ، وَفِيهِ الصّلْحُ عَلَى أَنْ يُرَدّ الْمُسْلِمُ إلَى دَارِ الْكُفْرِ، وَهَذَا مَنْسُوخٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ بِحَدِيثِ سُرّيّةِ خَالِدٍ حِينَ وَجّهَهُ النّبِيّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَى خَثْعَمٍ، وَفِيهِمْ نَاسٌ مُسْلِمُونَ فَاعْتَصَمُوا بِالسّجُودِ فَقَتَلَهُمْ خَالِدٌ، فَوَدَاهُمْ النّبِيّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نِصْفَ الدّيَةِ، وَقَالَ: أَنَا بَرِيءٌ مِنْ مُسْلِمٍ بَيْنَ مُشْرِكِين، وَقَالَ فُقَهَاءُ الْحِجَازِ: هُوَ جَائِزٌ، وَلَكِنْ لِلْخَلِيفَةِ الْأَكْبَرِ لَا لِمَنْ دُونَهُ، وَفِيهِ: نَسْخُ السّنّةِ بِالْقُرْآنِ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ، فَإِنّ هَذَا الْعَهْدَ كَانَ يَقْتَضِي أَنْ لَا يَأْتِيَهُ مُسْلِمٌ إلّا رَدّهُ، فَنَسَخَ اللهُ تَعَالَى ذَلِكَ فِي النّسَاءِ خَاصّةً، فَقَالَ عَزّ وَجَلّ: فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِناتٍ [فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ] الْمُمْتَحَنَةُ: ١٠ هَذَا عَلَى رِوَايَةِ عُقَيْلِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ الزّهْرِيّ، فَإِنّهُ قَالَ فِي الْحَدِيثِ: أَنْ لَا يَأْتِيَهُ أَحَدٌ، وَأَحَدٌ يَتَضَمّنُ الرّجَالَ وَالنّسَاءَ، وَالْأَحْسَنُ أَنْ يُقَالَ فِي مِثْلِ هَذَا تَخْصِيصُ عُمُومٍ لَا نَسْخٌ، عَلَى أَنّ بَعْضَ حُذّاقِ الْأُصُولِيّينَ قَدْ قَالَ فِي الْعُمُومِ: إذَا عُمِلَ بِمُقْتَضَاهُ فِي عَصْرِ النّبِيّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَاعْتُقِدَ فِيهِ الْعُمُومُ، ثُمّ وَرَدَ التّخْصِيصُ فَهُوَ نَسْخٌ، وَهُوَ قَوْلٌ حَسَنٌ، وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى أَنْ لَا يَأْتِيَهُ رَجُلٌ. فَهَذَا اللّفْظُ لَا يَتَنَاوَلُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute