. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
التّنْزِيلِ: وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً النّسَاءُ: ٦٩ فَيُفْرَدُ لِأَنّهُ صِفَةٌ لِفَرِيقِ وَحِزْبٍ وَيَقْبُحُ أَنْ تَقُولَ: قَوْمُك ضَاحِكٌ أَوْ بَاكٍ، وَإِنّمَا يَحْسُنُ هَذَا إذَا وَصَفْت بِصَدِيقِ وَرَفِيقٍ وَعَدُوّ لِأَنّهَا صِفَةٌ تَصْلُحُ لِلْفَرِيقِ وَالْحِزْبِ، لِأَنّ الْعَدَاوَةَ وَالصّدَاقَةَ صِفَتَانِ مُتَضَادّتَانِ، فَإِذَا كَانَ عَلَى أَحَدِهِمَا الْفَرِيقُ الْوَاحِدُ، كَانَ الْآخَرُ عَلَى ضِدّهَا، وَكَانَتْ قُلُوبُ أَحَدِ الْفَرِيقَيْنِ فِي تِلْكَ الصّفَةِ عَلَى قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ فِي عُرْفِ الْعَادَةِ، فَحَسُنَ الْإِفْرَادُ، وَلَيْسَ يَلْزَمُ مِثْلُ هَذَا فِي الْقِيَامِ وَالْقُعُودِ وَنَحْوِهِ، حَتّى يُقَالَ: هُمْ قَاعِدٌ أَوْ قَائِمٌ كَمَا يُقَالُ: هُمْ صَدِيقٌ لِمَا قَدّمْنَاهُ مِنْ الِاتّفَاقِ وَالِاخْتِلَافِ. وَأَمّا قَوْلُهُ تَعَالَى: يُخْرِجُكُمْ طِفْلًا غَافِرٌ: ٦٧، بِلَفْظِ الْإِفْرَادِ، وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: وَإِذا بَلَغَ الْأَطْفالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ النّورُ: ٥٩ فَالْأَحْسَنُ فِي حُكْمِ الْبَلَاغَةِ أَنْ يُعَبّرَ عَنْ الْأَطْفَالِ الرّضّعِ بِالطّفْلِ فِي الْوَاحِدِ وَالْجَمِيعِ، لِأَنّهُمْ مَعَ حِدْثَانِ الْوِلَادَةِ كَالْجِنْسِ الّذِي يَقَعُ عَلَى الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ بِلَفْظِ وَاحِدٍ، أَلَا تَرَى أَنّ بَدْءَ الْخَلْقِ طِينٌ، ثُمّ مَنِيّ، وَالْمَنِيّ جِنْسٌ لَا يَتَمَيّزُ بَعْضُهُ مِنْ بَعْضٍ، فَلِذَلِكَ لَا يُجْمَعُ، وَكَذَلِكَ الطّينُ، ثُمّ يَكُونُ الْخَلْقُ عَلَقًا، وَهُوَ الدّمُ، فَيَكُونُ ذَلِكَ جِنْسًا، ثُمّ يُخْرِجُهُمْ اللهُ طِفْلًا، أَيْ: جِنْسًا تَالِيًا لِلْعَلَقِ وَالْمَنِيّ لَا يَكَادُ يَتَمَيّزُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ إلّا عِنْدَ آبَائِهِمْ، فَإِذَا كَبُرُوا وَخَالَطُوا النّاسَ، وَعَرَفَ النّاسُ صُوَرَهُمْ بَعْضَهُمْ مِنْ بَعْضٍ فَصَارُوا كَالرّجَالِ وَالْفِتْيَانِ، قِيلَ فِيهِمْ: حِينَئِذٍ أَطْفَالٌ، كَمَا يُقَالُ: رِجَالٌ وَفِتْيَانٌ، وَلَا يُعْتَرَضُ عَلَى هَذَا الْأَصْلِ بِالْأَجِنّةِ أَنّهُمْ مُغَيّبُونَ فِي الْبُطُونِ، فَلَمْ يَكُونُوا كَالْجِنْسِ الظّاهِرِ لِلْعُيُونِ كَالْمَاءِ وَالطّينِ وَالْعَلَقِ، وَإِنّمَا جَمْعُ الْجَنِينِ عَلَى أَجِنّةٍ، وَحَسُنَ ذَلِكَ فِيهِ، لِأَنّهُ تَبَعٌ لِلْبَطْنِ الّذِي هُوَ فِيهِ، وَيُقَوّي هَذَا الْغَرَضَ الّذِي صمدنا إليه فى الطّال
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute