للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

عَلَيْهِمُ الْبابَ فَإِذا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غالِبُونَ فَلَمّا عَصَوْهُمَا دَعَا عَلَيْهِمْ مُوسَى، فَتَاهُوا، أَيّ تَحَيّرُوا، وَكَانُوا سِتّمِائَةِ أَلْفِ مُقَاتِلٍ، فَتَاهُوا فِي ستّة فراسخ من مِنْ الْأَرْضِ، يَمْشُونَ النّهَارَ كُلّهُ، ثُمّ يُمْسُونَ حيث أصبحوا، ويصبحون حيث أمسوا. وفى تلك السّنِينَ أَنْزَلَ عَلَيْهِمْ الْمَنّ وَالسّلْوَى، لِأَنّهُمْ شُغِلُوا عَنْ الْمَعَاشِ بِالتّيهِ فِي الْأَرْضِ، وَأُبْقِيَتْ عَلَيْهِمْ ثِيَابُهُمْ لَا تَخْلَقُ، وَلَا تَتّسِخُ، وَتَطُولُ مَعَ الصّغِيرِ، إذَا طَالَ، وَفِيهَا اسْتَسْقَى لَهُمْ مُوسَى، فَأُمِرَ أَنْ يَأْخُذَ حَجَرًا مِنْ الطّورِ، فَيَضْرِبُهُ بِعَصَاهُ، فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا، وَفِيهَا ظَلّلَ عَلَيْهِمْ الْغَمَامَ لِأَنّهُمْ كَانُوا فِي الْبَرِيّةِ، فَظُلّلُوا مِنْ الشّمْسِ، وَذَلِكَ أَنّ مُوسَى كَانَ نَدِمَ حِينَ دَعَا عَلَيْهِمْ لِمَا رَأَى مِنْ جَهْدِهِمْ وَحَيْرَتِهِمْ فِي التّيهِ، فَكَانَ يَدْعُو اللهَ لَهُمْ فِي هَذِهِ الْأُمُورِ؛ لِئَلّا يَهْلِكُوا فِي التّيهِ جُوعًا أَوْ عُرْيًا أَوْ عَطَشًا، فَلَمّا آسى عليهم قال الله له: فَلا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفاسِقِينَ أى: الذين فَسَقُوا أَيْ:

خَرَجُوا عَنْ أَمْرِك. وَمَاتَ فِي أَيّامِ التّيهِ جَمِيعُ كِبَارِهِمْ إلّا يُوشَعُ وَكَالِبٌ فَمَا دَخَلَ الْأَرْضَ عَلَى الْجَبّارِينَ إلّا خُلُوفُهُمْ وَأَبْنَاؤُهُمْ، وَقِيلَ: إنّ مُوسَى مَاتَ فِي تِلْكَ السّنِينَ أَيْضًا وَلَمْ يَشْهَدْ الْفَتْحَ مَعَ يُوشَعَ، وَقِيلَ: بَلْ كَانَ مَعَ يُوشَعَ حِينَ افْتَتَحَهَا «١» .


(١) أصل قصة التيه فى القرآن. أما هذه التفصيلات، فعن أسفار بنى إسرائيل.

<<  <  ج: ص:  >  >>