للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الْمُوَلّدُونَ إلّا الْغُلُوّ فِي هَذَا الْمَعْنَى، وَأَنْ يَغْلِبُوهُ فَقَالَ فِي الْحَمَاسَةِ حُسَيْنُ بْنُ مُطَيْرٍ [الْأَسَدِيّ] :

مُبَلّلَةُ الْأَطْرَافِ زَانَتْ عُقُودُهَا ... بِأَحْسَنَ مِمّا زِينَتُهَا عُقُودُهَا

وَقَالَ خَالِدٌ الْقَسْرِيّ لِعُمَرِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ: مَنْ تَكُنْ الْخِلَافَةُ زِينَتُهُ، فَأَنْتَ زِينَتُهَا، وَمَنْ تَكُنْ شَرّفْته، فَأَنْتَ شَرّفْتهَا، وَأَنْتَ كَمَا قَالَ [مَالِكُ ابْنُ أَسَمَاءَ] :

وَتَزِيدِينَ أَطْيَبَ الطّيبِ طِيبًا ... إنّ تَمَسّيهِ، أَيْنَ مِثْلُك أَيْنَا

وإذا الدّرّزان حُسْنَ وُجُوهٍ ... كَانَ لِلدّرّ حَسَنُ وَجْهِك زَيْنَا!

فَقَالَ عُمَرُ: إنّ صَاحِبَكُمْ أَعْطَى مَقُولًا، وَلَمْ يُعْطِ مَعْقُولًا، قَالَ الْمُؤَلّفُ: وَإِنّمَا لَمْ يَحْسُنْ هَذَا مِنْ خَالِدٍ لَمّا قَصَدَ بِهِ التّمَلّقَ، وَإِلّا فَقَدْ صَدَرَ مِثْلُ هَذَا الْمَعْنَى عَنْ الصّدّيقِ، فَحَسُنَ لِمَا عَضّدَهُ مِنْ التّحْقِيقِ وَالتّحَرّي لِلْحَقّ، وَالْبَعْدِ عَنْ الْمَلَقِ وَالْخِلَابَةِ، وَذَلِكَ حِينَ عَهِدَ إلَى عُمَرَ بِالْخِلَافَةِ، وَدَفَعَ إلَيْهِ عَهْدَهُ مَخْتُومًا، وَهُوَ لَا يَعْرِفُ مَا فِيهِ، فَلَمّا عَرَفَ مَا فِيهِ رَجَعَ إلَيْهِ حَزِينًا كَهَيْئَةِ الثّكلى: يقول: حملتى عِبْئًا أَلّا أَضْطَلِعُ بِهِ، وَأَوْرَدْتنِي مَوْرِدًا لَا أَدْرِي: كَيْفَ الصّدْرُ عَنْهُ، فَقَالَ لَهُ الصّدّيقُ: مَا آثَرْتُك بِهَا، وَلَكِنّي آثَرْتهَا بِك، وَمَا قَصَدْت مُسَاءَتَك، وَلَكِنْ رَجَوْت إدْخَالَ السّرُورِ عَلَى المؤمنين بك، ومن ههنا أَخَذَ الْحُطَيْئَة قَوْلُهُ:

مَا آثَرُوك بِهَا إذْ قَدّمُوك لَهَا ... لَكِنْ لِأَنْفُسِهِمْ كَانَتْ بِهَا الْإِثْرُ «١»


(١) أنشده اللسان وقال: وكأن الإثر: جمع الإثرة، وهى الأثرة. وفى الأغانى فى أخبار الحطيئة: أن الحطيئة أنشد هذه القصيدة التى منها هذا البيت حين شفع فيه عمرو بن العاص، فأخرجه عمر من محبسه ومنها:
ماذا تقول لأفراخ بذى مرخ ... زغب الحواصل لا ماء ولا شجر

<<  <  ج: ص:  >  >>