للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وَلَمْ يَقُلْ: عَنْ عُنُقٍ، وقول الآخر:

وَأَحْسَنُ مِنْ عُقَدِ الْمَلِيحَةِ جِيدُهَا

وَلَمْ يقل: عنقها، ولو قاله لَكَانَ غَثّا مِنْ الْكَلَامِ، فَإِنّمَا يَحْسُنُ ذِكْرُ الْجِيدِ حَيْثُ قُلْنَا، وَيَنْظُرُ إلَى هَذَا الْمَعْنَى قَوْلُهُ تَعَالَى: فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ آلُ عِمْرَانَ: ٢١ أَيْ لَا بُشْرَى لَهُمْ إلّا ذَلِكَ، وَقَوْلُ الشّاعِرِ [عَمْرُو بْنُ مَعْدِي كَرِبَ] :

[وَخَيْلٍ قَدْ دَلَفْت لَهَا بِخَيْلِ] ... تَحِيّةُ بَيْنِهِمْ رب؟؟؟ وجيع

أي: لَا تَحِيّةَ لَهُمْ. كَذَلِكَ قَوْلُهُ: فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ، أَيْ: لَيْسَ ثُمّ جِيدٌ يُحَلّى، إنّمَا هُوَ حَبْلُ الْمَسَدِ، وَانْظُرْ كَيْفَ قَالَ: وَامْرَأَتُهُ، وَلَمْ يَقُلْ:

وَزَوْجُهُ؛ لِأَنّهَا لَيْسَتْ بِزَوْجِ لَهُ فِي الْآخِرَةِ، وَلِأَنّ التّزْوِيجَ حِلْيَةٌ شَرْعِيّةٌ، وَهُوَ مِنْ أَمْرِ الدّينِ يجردها من هذه الصفة، كما جرد مسها امْرَأَةَ نُوحٍ وَامْرَأَةَ لُوطٍ، فَلَمْ يَقُلْ:

زَوْجَ نُوحٍ، وَقَدْ قَالَ لِآدَمَ: اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْبَقَرَةُ: ٣٥ وَقَالَ لِنَبِيّهِ عَلَيْهِ السّلَامُ: (قُلْ لِأَزْوَاجِكَ) ، وَقَالَ: (وَأَزْوَاجُهُ أُمّهَاتُهُمْ) ، إلّا أَنْ يَكُونَ مُسَاقَ الْكَلَامِ فِي ذِكْرِ الْوِلَادَةِ وَالْحَمْلِ، وَنَحْوُ ذَلِكَ، فَيَكُونُ حِينَئِذٍ لَفْظُ الْمَرْأَةِ لَائِقًا بِذَلِكَ الْمَوْطِنِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَكانَتِ امْرَأَتِي عاقِراً مَرْيَمُ: ٥، ٨ فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ الذّارِيَاتُ: ٢٩ لِأَنّ الصّفَةَ الّتِي هِيَ الْأُنُوثَةُ هِيَ الْمُقْتَضِيَةُ لِلْحَمْلِ وَالْوَضْعِ لَا من حيث كانت زَوْجًا.

غُلُوّ فِي الْوَصْفِ بِالْحُسْنِ فَصْلٌ: وَأَنْشَدَ شَاهِدًا عَلَى الْجِيدِ قَوْلَ الْأَعْشَى:

يَوْمَ تُبْدِي لَنَا قُتَيْلَة عَنْ ... جِيدِ أَسِيلٍ تَزْيِنُهُ الْأَطْوَاقُ

وَقَوْلُهُ: تَزْيِنُهُ أَيْ: تَزِيدُهُ حَسَنًا، وَهَذَا مِنْ الْقَصْدِ فِي الْكَلَامِ، وَقَدْ أَبَى

<<  <  ج: ص:  >  >>