للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

أن يكون تفسيرا لقول النبى صلّى الله عليه وسلم: مَسَحَ الْأَرْضَ بِالْأَسْبَابِ «١» ، وَاخْتُلِفَ فِي تَسْمِيَتِهِ بِذِي الْقَرْنَيْنِ، كَمَا اُخْتُلِفَ فِي اسْمِهِ، وَاسْمِ أَبِيهِ، فَأَصَحّ مَا جَاءَ فِي ذَلِكَ مَا رُوِيَ عَنْ أَبِي الطّفَيْلِ عَامِرِ بْنِ وَاثِلَةَ قَالَ: سَأَلَ ابْنُ الْكَوّاءِ عَلِيّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ، فَقَالَ: أَرَأَيْت ذَا الْقَرْنَيْنِ، أَنَبِيّا كَانَ أَمْ ملكا؟ فقال: لَا نَبِيّا كَانَ، وَلَا مَلِكًا، وَلَكِنْ كَانَ عَبْدًا صَالِحًا دَعَا قَوْمَهُ إلَى عِبَادَةِ اللهِ، فَضَرَبُوهُ عَلَى قَرْنَيْ رَأْسِهِ ضَرْبَتَيْنِ، وَفِيكُمْ مِثْلُهُ. يَعْنِي: نَفْسَهُ، وَقِيلَ: كَانَتْ لَهُ ضَفِيرَتَانِ مِنْ شَعَرٍ، وَالْعَرَبُ تُسَمّي الْخُصْلَةَ مِنْ الشّعَرِ: قَرْنًا، وَقِيلَ: إنّهُ رَأَى فِي الْمَنَامِ رُؤْيَا طَوِيلَةً أَنّهُ أَخَذَ بِقَرْنَيْ الشّمْسِ، فَكَانَ التّأْوِيلُ أَنّهُ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ، وَذَكَرَ هَذَا الْخَبَرَ عَلِيّ بْنُ أبى طالب لقيروانى الْعَابِدُ فِي كِتَابِ الْبُسْتَانِ لَهُ، قَالَ:

وَبِهَذَا سُمّيَ ذَا الْقَرْنَيْنِ، وَأَمّا اسْمُهُ، فَقَالَ ابْنُ هِشَامٍ فِي هَذَا الْكِتَابِ: اسْمُهُ مَرْزَبَى «٢» بْنُ مَرْذَبَةَ بِذَالٍ مَفْتُوحَةٍ فِي اسْمِ أَبِيهِ، وَزَايٍ فى اسمه، وقيل فيه:


(١) قال ابن عباس ومجاهد وسعيد بن جبير وعكرمة والسدى وقنادة والضحاك وغيرهم عن السبب: العلم. وقال قتادة أيضا: منازل الأرض وأعلامها. وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم: تعليم الألسنة. أما كعب الأحبار، فيروى عنه ابن لهيعة أنه قال: كان يربط خيله بالثريا. وقد أنكر معاوية على كعب قوله هذا وكان يقول عن كعب: وإن كنا لتبلو عليه الكذب. وما أحسن ما يقول ابن كثير: «قال الله فى حق بلقيس «وأوتيت من كل شىء» أى: مما يؤتى مثلها من الملوك، وهكذا ذو القرنين يسر الله له الأسباب، أى: الطرق والوسائل إلى فتح الأقاليم والرساتيق والبلاد والأراضى وكسر الأعداء، وكبت ملوك الأرض. وإذلال أهل الشرك قد أوتى من كل شىء مما يحتاج اليه مثله سببا، والله أعلم. خلاصة هذا أن الله من عليه. فعلمه أسباب ما سخره له، ومسألة الملاك يهودية صارخة.
(٢) فى السيرة: مرزبان.

<<  <  ج: ص:  >  >>