. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
مُدّتِهِ كُلّهَا إلّا خَمْسِينَ عَامًا مُنْذُ جَاءَهُ الْفَرَجُ، وَأَتَاهُ الْغَوْثُ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ اللهُ- سُبْحَانَهُ- عَلِمَ أَنّ عُمْرَهُ كَانَ أَلْفًا، إلّا أَنّ الْخَمْسِينَ مِنْهَا، كَانَتْ أَعْوَامًا، فَيَكُونُ عُمُرُهُ أَلْفَ سَنَةٍ، تَنْقُصُ مِنْهَا مَا بَيْنَ السّنِينَ الشّمْسِيّةِ وَالْقَمَرِيّةِ فِي الْخَمْسِينَ خَاصّةً؛ لِأَنّ خَمْسِينَ عاما بحساب الأهلة أفل مِنْ خَمْسِينَ سَنَةٍ شَمْسِيّةٍ بِنَحْوِ عَامٍ وَنِصْفٍ، فَإِنْ كَانَ اللهُ سُبْحَانَهُ قَدْ عَلِمَ هَذَا مِنْ عُمُرِهِ، فَاللّفْظُ مُوَافِقٌ لِهَذَا الْمَعْنَى، وَإِلّا فَفِي الْقَوْلِ الْأَوّلِ مَقْنَعٌ، وَاَللهُ أَعْلَمُ بِمَا أَرَادَ، فَتَأَمّلْ هَذَا، فَإِنّ الْعِلْمَ بِتَنْزِيلِ الْكَلَامِ، وَوَضْعَ الْأَلْفَاظِ فِي مَوَاضِعِهَا اللّائِقَةِ بِهَا يَفْتَحُ لَك بَابًا مِنْ الْعِلْمِ بِإِعْجَازِ الْقُرْآنِ، وَابْنِ هَذَا الْأَصْلَ تَعْرِفُ الْمَعْنَى فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ الْمَعَارِجِ: ٤. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: [وَإِنَّ يَوْماً عِنْدَ رَبِّكَ] كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ الْحِجْرِ: ٤٧ وَأَنّهُ كَلَامٌ وَرَدَ فِي مَعْرِضِ التّكْثِيرِ وَالتّفْخِيمِ، لَطُولُ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَالسّنَةِ أَطْوَلُ مِنْ الْعَامِ، كَمَا تَقَدّمَ، فَلَفْظُهَا أَلْيَقُ بِهَذَا الْمَقَامِ.
ذِكْرُ قِصّةِ الرّجُلِ الطّوّافِ ذِي الْقَرْنَيْنِ:
فَصْلٌ: وَذَكَرَ قِصّةَ الرّجُلِ الطّوّافِ، وَالْحَدِيثَ الّذِي جَاءَ فِيهِ عَنْ رَسُولِ اللهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنّهُ كَانَ مَلِكًا مَسَحَ الْأَرْضَ بِالْأَسْبَابِ، وَلَمْ يَشْرَحْ مَعْنَى الْأَسْبَابِ. وَلِأَهْلِ التّفْسِيرِ فِيهِ أَقْوَالٌ مُتَقَارِبَةٌ، قَالُوا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَآتَيْناهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَباً الْكَهْفِ: ٨٤: أَيْ: عِلْمًا يَتْبَعُهُ، وَفِي قَوْلِهِ تَعَالَى: فَأَتْبَعَ سَبَباً الْكَهْفِ: ٨٥ أَيْ: طَرِيقًا مُوَصّلَةً، وَقَالَ ابْنُ هِشَامٍ فِي غَيْرِ هَذَا الْكِتَابِ السّبَبُ: حَبْلٌ مِنْ نُورٍ، كَانَ مَلَكٌ يَمْشِي بِهِ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَيَتْبَعُهُ، وَقَدْ قِيلَ فِي اسْمِ ذَلِكَ الْمَلِكِ: زياقيل، وَهَذَا يَقْرُبُ مِنْ قَوْلِ مَنْ قَالَ: سَبَبًا أَيْ: طَرِيقًا، وَيَقْرُبُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute