للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الْكَلَامِ الّذِي نَهَى الْعَبْدَ عَنْهُ، فَقَدْ تَبَيّنَ إشْكَالُهُ، وَالْجَوَابُ: أَنّ فِي الْكَلَامِ حَذْفًا وَإِضْمَارًا تَقْدِيرُهُ: وَلَا تَقُولَن: إنّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا إلّا ذَاكِرًا إلّا أَنْ يَشَاءَ اللهُ، أَوْ نَاطِقًا بِأَنْ يَشَاءَ اللهُ، وَمَعْنَاهُ: إلّا ذَاكِرًا شِيئَةَ اللهِ، كَمَا قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ؛ لِأَنّ الشّيئَةَ مَصْدَرٌ، وَأَنْ مَعَ الْفِعْلِ، فِي تَأْوِيلِ الْمَصْدَرِ، وَإِعْرَابُ ذَلِكَ الْمَصْدَرِ مَفْعُولٌ بِالْقَوْلِ الْمُضْمَرِ، وَالْعَرَبُ تَحْذِفُ الْقَوْلَ، وَتَكْتَفِي بِالْمَقُولِ فَفِي التّنْزِيلِ: (فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ) آلِ عِمْرَانَ: ١٠٦ أَيْ:

يُقَالُ لَهُمْ: أَكَفَرْتُمْ، فَحُذِفَ الْقَوْلُ، وَبَقِيَ الْكَلَامُ الْمَقُولُ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى:

يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بابٍ: سَلامٌ عَلَيْكُمْ الرّعْدِ: ٢٤ أَيْ يَقُولُونَ: سَلَامٌ عَلَيْكُمْ، وَهُوَ كَثِيرٌ، وَكَذَلِكَ إذًا قَوْلُهُ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ هِيَ مِنْ كَلَامِ النّاهِي لَهُ سُبْحَانَهُ، ثُمّ أَضْمَرَ الْقَوْلَ، وَهُوَ الذّكْرُ الّذِي قَدّمْنَاهُ، وَبَقِيَ الْمَقُولُ، وَهُوَ:

أَنْ يَشَاءَ اللهُ، وَهَذَا الْقَدْرُ يَكْفِي فِي هَذَا الْمَقَامِ، وَإِنْ كَانَ فِي الْآيَةِ مِنْ الْبَسْطِ وَالتّفْتِيشِ مَا هُوَ أَكْثَرُ مِنْ هَذَا.

ولبثوا فى كهفهم:

فصل: وقد فسر قوله تعالى: وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ فَقَالَ: مَعْنَاهُ أَيْ:

سَيَقُولُونَ ذَلِكَ، وَهُوَ أَحَدُ التّأْوِيلَاتِ فِيهَا. وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ قَرَأَهُ ابْنُ مَسْعُودٍ:

وَقَالُوا: لَبِثُوا، بِزِيَادَةِ قَالُوا. ثُمّ قَالَ ابن إسحق: قُلْ: رَبّي أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُوا، وَهُوَ وَهْمٌ مِنْ الْمُؤَلّفِ أَوْ غَيْرِهِ، وَإِنّمَا التّلَاوَةُ: قُلِ: اللَّهُ أَعْلَمُ بِما لَبِثُوا «١»


(١) فى النسخة التى معى: هى كما فى المصحف. وتأويل ابن هشام قوله تعالى: «وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ» تأويل رائع، إذ يجعل هذا القول من قول أهل الكتاب، وبهذا يستقيم ضمنا للاية. ويتفق هذا مع ما بعده، وهو قوله سبحانه: (قُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِما لَبِثُوا) -

<<  <  ج: ص:  >  >>