للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

قَبْلَهُ، فَهُوَ دَاخِلٌ تَحْتَ قَوْلِهِ سُبْحَانَهُ: (رَجْمًا بِالْغَيْبِ) وَلَمْ يَقُلْ ذَلِكَ فِي آخِرِ الْقِصّةِ «١» .

آيَةُ الِاسْتِثْنَاءِ:

فَصْلٌ: وَذَكَرَ قَوْلَ اللهِ تَعَالَى (وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ) وَفَسّرَهُ، فَقَالَ: أَيْ اسْتَثْنِ شِيئَةَ اللهِ. الشّيئَةُ: مَصْدَرُ شَاءَ يَشَاءُ، كَمَا أَنّ الْخِيفَةَ مَصْدَرُ خَافَ يَخَافُ، وَلَكِنّ هَذَا التّفْسِيرَ، وَإِنْ كَانَ صَحِيحَ الْمَعْنَى، فَلَفْظُ الْآيَةِ مشكل جدّا؛ لأن قوله: (لا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فاعِلٌ ذلِكَ غَداً) الْكَهْفِ: ٢٣ نَهَى عَنْ أَنْ يَقُولَ هَذَا الْكَلَامَ، وَلَمْ يَنْهَهُ عَنْ أَنْ يَصِلَهُ بِإِلّا أَنْ يَشَاءَ اللهُ، فَيَكُونُ الْعَبْدُ الْمَنْهِيّ عَنْ هَذَا الْقَوْلِ مَنْهِيّا أَيْضًا عَنْ أَنْ يَصِلَهُ بِقَوْلِهِ إِلّا أَنْ يَشَاءَ اللهُ. هَذَا مُحَالٌ: فَقَوْلُهُ إذًا:

إِلّا أَنْ يَشَاءَ اللهُ اسْتِثْنَاءٌ مِنْ اللهِ، رَاجِعٌ إلَى أَوّلِ الْكَلَامِ، وَهَذَا أَيْضًا إذَا تَأَمّلْته نَقْضٌ لِعَزِيمَةِ النّهْيِ، وَإِبْطَالٌ لِحُكْمِهِ، فَإِنّ السّيّدَ إذَا قَالَ لِعَبْدِهِ: لَا تَقُمْ إلّا أَنْ يَشَاءَ اللهُ أَنْ تَقُومَ، فَقَدْ حَلّ عُقْدَةَ النّهْيِ؛ لِأَنّ مَشِيئَةَ اللهِ لِلْفِعْلِ لَا تُعْلَمُ إلّا بِالْفِعْلِ، فَلِلْعَبْدِ إذًا أَنْ يَقُومَ، وَيَقُولَ: قَدْ شَاءَ اللهُ أَنْ نَقُومَ، فَلَا يَكُونُ لِلنّهْيِ مَعْنًى عَلَى هَذَا، فَإِذَا لَمْ يَكُنْ رَدّ حَرْفِ الِاسْتِثْنَاءِ إلَى النّهْيِ، وَلَا هو من


(١) يقول الإمام ابن القيم عن كلام السهيلى هذا «واستنباطه حسن، غير أنه إنما يفيد «يعنى أن الواو تقتضى تقرير الجملة الأولى» اذا كان المعطوف بالواو ليس داخلا فى جملة قولهم: بل يكون قد حكى سبحانه أنهم قالوا: سبعة، ثم أخبر تعالى أن ثامنهم الكلب، فحينئذ يكون ذلك تقريرا لما قالوه، وإخبارا بكون الكلب ثامنا، وأما إذا كان الإخبار عن الكلب من جملة قولهم، وأنهم قالوا هذا، وهذا، لم يظهر ما قاله، ولا تقتضى الواو فى ذلك تقريرا ولا تصديقا فتأمله «ص ١٧٦ ج ٢ بدائع الفوائد وانظر أيضا ج ٣ ص ٥٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>