. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فَيَلْزَمُ عَلَى قَوْلِهِ إذًا أَنْ يَكُونَ الْأَمَدُ فَاعِلًا بِالْإِحْصَاءِ، وَهَذَا مُحَالٌ، بَلْ هُوَ مَفْعُولٌ، وَأَحْصَى: فِعْلٌ مَاضٍ، وَهُوَ النّاصِبُ لَهُ، وَذَكَرْنَا فِي ذَلِكَ الْإِمْلَاءِ أَنّ أَيّهمْ، قَدْ يَجُوزُ فِيهِ النّصْبُ بِمَا قَبْلَهُ إذَا جَعَلْته خَبَرًا، وَذَلِكَ عَلَى شُرُوطٍ بَيّنّاهَا هُنَالِكَ لِمَنْ أَرَادَ الْوُقُوفَ عَلَى حَقِيقَتِهَا، أَيْ: وَمَوَاضِعَهَا، وَكَشَفْنَا أَسْرَارَهَا.
عَنْ الضّرْبِ وَتَزَاوُرِ الشّمْسِ وَفَائِدَةِ الْقِصّةِ:
وَقَوْلِهِ سبحانه: فَضَرَبْنا عَلَى آذانِهِمْ أَيْ: أَنِمْنَاهُمْ، وَإِنّمَا قِيلَ فِي النّائِمِ:
ضُرِبَ عَلَى أُذُنِهِ؛ لِأَنّ النّائِمَ يَنْتَبِهُ مِنْ جِهَةِ السّمْعِ، وَالضّرْبُ هُنَا مُسْتَعَارٌ مِنْ ضَرَبْت الْقُفْلَ على الباب، وذكر قوله تعالى: تَتَزاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ ذاتَ الْيَمِينِ الْآيَةَ. وَقِيلَ فِي تَقْرِضُهُمْ: تُحَاذِيهِمْ، وَقِيلَ: تَتَجَاوَزُهُمْ شيئا شيئا مِنْ الْقَرْضِ، وَهُوَ الْقَطْعُ، أَيْ: تَقْطَعُ مَا هُنَالِكَ مِنْ الْأَرْضِ، وَهَذَا كُلّهُ شَرْحُ اللّفْظِ، وَأَمّا فَائِدَةُ الْمَعْنَى، فَإِنّهُ بَيّنٌ أَنّهُمْ فِي مَقْنُوَةٍ مِنْ الْأَرْضِ، لَا تَدْخُلُ عَلَيْهِمْ الشّمْسُ، فَتُحْرِقُهُمْ، وَتُبْلِي ثِيَابَهُمْ، وَيُقَلّبُونَ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشّمَالِ.
لِئَلّا تَأْكُلَهُمْ الْأَرْضُ، وَالْفَائِدَةُ الْعُظْمَى فِي هَذِهِ الصّفَةِ بَيَانُ كَيْفِيّةِ حَالِهِمْ فِي الْكَهْفِ، وَحَالِ كَلْبِهِمْ، وَأَيْنَ هُوَ مِنْ الْكَهْفِ، وَأَنّهُ بِالْوَصِيدِ مِنْهُ، وَأَنّ بَابَ الْكَهْفِ إلَى جِهَةِ الشّمَالِ لِلْحِكْمَةِ الّتِي تَقَدّمَتْ، وَأَنّ هَذَا الْبَيَانَ لَا يَكَادُ يَعْرِفُهُ مَنْ رَآهُمْ، فَإِنّ الْمُطَلّعَ عَلَيْهِمْ يُمْلَأُ مِنْهُمْ رُعْبًا، فَلَا يُمْكِنُهُ تَأَمّلُ هَذِهِ الدّقَائِقِ مِنْ أَحْوَالِهِمْ، وَالنّبِيّ عَلَيْهِ السّلَامُ لَمْ يَرَهُمْ قَطّ، وَلَا سَمِعَ بِهِمْ، وَلَا قَرَأَ كِتَابًا فِيهِ صِفَتُهُمْ؛ لِأَنّهُ أُمّيّ فِي أُمّةٍ أُمَيّةٍ، وَقَدْ جَاءَكُمْ بِبَيَانِ لَا يَأْتِي بِهِ مَنْ وَصَلَ إلَيْهِمْ حَتّى إنّ كَلْبَهُمْ قَدْ ذُكِرَ، وَذُكِرَ مَوْضِعُهُ وَبَسْطُهُ ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيدِ، وهم فى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute