السلطانيين فلبسه مَوْلَانَا الشريف سعيد فِي الْحطيم وَقُرِئَ المرسوم على الْعَادة بالتبجيل والتعظيم وَالتَّصْرِيح بتفويض أَمر الْحَرَمَيْنِ إِلَيْهِ والتعويل فِي حراستهما عَلَيْهِ وَكَانَ لَهُ ذَلِك النَّهَار موكب عَظِيم وفيهَا وصلت صَدَقَة من ملك الْهِنْد إِلَى الْحَرَمَيْنِ قدرهَا مائَة ألف ربية أَرْبَعُونَ ألفا للشريف وَسِتُّونَ لمَكَّة وَالْمَدينَة فَكَتَبُوا أَسمَاء النَّاس فِي دفتر وعدوهم بالتقسمة ثمَّ اقْتضى رَأْيهمْ أَن يأخذوها جَمِيعًا ويأمروا أهل مَكَّة بِأَن يكتبوا باستلامها فَكتب أهل مَكَّة بذلك وَأرْسل إِلَى أهل الْمَدِينَة وَطلب مِنْهُم أَن يسمحوا كَمَا سمح أهل مَكَّة بذلك فَكَانَ جَوَاب أَفَنْدِي الْمَدِينَة وَشَيخ حرمهَا وأغوات العساكر مَا نَصه إِن هَذَا شئ لعامة النَّاس فَلَا يسعنا السماح عَن جمَاعَة مَا نعتقد رضاهم وأبوا أَن يجيبوا بِغَيْر هَذَا فَلَمَّا وصل الْخَبَر بذلك عَنْهُم دبروا تدبيراً آخر لَا حَاجَة بِنَا إِلَى كشفه وَأَرْسلُوا بِهِ إِلَى السُّلْطَان أورنك زيب صُحْبَة السَّيِّد مُحَمَّد البرزنجي فَلم يُعْط قبولاً وَلم يواجه السُّلْطَان هُوَ وَمن مَعَه أصلا ثمَّ عَاد إِلَى مَكَّة بعد ذَلِك فِي سنة خمس وَتِسْعين وَقد كَانَ فِي غنية وَعزة عَن مثل هَذِه الرسَالَة الَّتِي هَذَا شَأْنهَا وَقد أخذت مِنْهُ المكاتيب من بندر سُورَت وَأرْسلت إِلَى السُّلْطَان وَذَلِكَ لما بلغ السُّلْطَان حَقِيقَة الْحَال وَقد كَانَ المرحوم مَوْلَانَا الشريف بَرَكَات عرض إِلَى الْأَبْوَاب لما فَارقه مَوْلَانَا الشريف أَحْمد بن غَالب متع الله بحياته وَمن مَعَه فَعرف أَن السَّادة الْأَشْرَاف أتعبوه بِالطَّلَبِ الشطيط وَأَنه بَالغ فِي إرضائهم بِكُل وَجه فَقَالَ إِلَى حد أَنِّي رضيت أَن أجعَل لَهُم مغل ثَلَاثَة أَربَاع الْبِلَاد وَيكون لى ربع فَكَانَ جَوَابه أَنهم أبرزوا لَهُ أمرا سلطانياً بذلك فورد إِلَى مَكَّة بعد مدَّته فِي الْحَج آخر سنة ثَلَاث وَتِسْعين الْمَذْكُورَة وَلم يُرد مَوْلَانَا الشريف بَرَكَات طلب هَذَا الْأَمر وَإِنَّمَا لما أرسل إِلَى الْأَبْوَاب متنصلاً عَن الْمُخَالفَة على السَّادة الْأَشْرَاف ومبيناً أَنه ساع فِي ملائمة هواهم بِحَيْثُ إِنَّه رَضِي بِأَن يَجْعَل ذَلِك لَهُم ظنت الدولة العثمانية أَن ذَلِك مُرَاد لَهُ ومطلوب فَأخْرج لَهُ أَمر بذلك فَلَمَّا وصل كتمه الشريف سعيد فتحققته السَّادة الْأَشْرَاف وطلبوه من الشريف فَأحْضرهُ على مَا أشيع مجْلِس الشَّرْع وسجل مضمونه
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute