للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قوله: "وعن أبي هريرة"، تقدم الكلام عليه.

قوله - صلى الله عليه وسلم -: "من تعلم صرف الكلام ليسبي به قلوب الرجال" الحديث، صرف الكلام: هو بفتح الصاد أي: من تعلم فصاحة الكلام وأنواع البلاغة من أنواع الشعر وغيره من العلوم ليجعل قلوب الناس مائلة إليه لم يقبل اللّه منه صرفًا ولا عدلًا (١)، والمراد من صرف الكلام هو فضله وما يتكلفه الإنسان فوق الحاجة فيه، وإنما كره النبي - صلى الله عليه وسلم - ذلك لما يدخله من الرياء والتصنع ولما يخالطه من الكذب والتزيد (٢)، يقال: فلان لا يحسن صرف الكلام أي فضل بعضه على بعض وهو من صرف الدراهم وتفاضلها (٣)، فأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يكون الكلام قصدًا بقدر الحاجة غير زائد عليها ليوافق ظاهره باطنه وسره علنه (٤)، وحينئذ: ففي الحديث من أنواع الجناس التام بين صرف وصرف، وهو أشرف أنواع الجناس كقوله تعالى: {وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُوا غَيْرَ سَاعَةٍ} (٥).

قوله: "لم يقبل اللّه منه يوم القيامة صرفا ولا عدلا" يعني: فريضة ولا نافلة على أحد التفاسير (٦)، وسيأتي الكلام على ذلك مبسوطًا فيمن أخاف أهل المدينة أو أرادهم بسوء.


(١) المفاتيح (٥/ ١٦٨).
(٢) معالم السنن (٤/ ١٣٦).
(٣) النهاية (٣/ ٢٤).
(٤) معالم السنن (٤/ ١٣٦).
(٥) سورة الروم، الآية: ٥٥.
(٦) المفاتيح (٥/ ١٦٨).