للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

يخص بعض الأشياء وينفي عن بعضها كما قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ} (١)، فقوله - صلى الله عليه وسلم -: "إن اللّه لا ينظر إلى صوركم وأموالكم" أي: يثيبكم عليها ولا تقربكم منه كما قال تعالى: {وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنَا زُلْفَى إِلَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَئِكَ لَهُمْ جَزَاءُ الضِّعْفِ بِمَا عَمِلُوا وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آمِنُونَ} (٢) ويستفاد من هذا الحديث فوائد:

أحدها: صرف الهمة إلى الاعتناء بأحوال القلب وصفاته بتحقيق علومه وتصحيح مقاصده وعروضه وتطهيره عن مذموم صفاته واتصافه بمحمودها، فإنه كما كان القلب هو محل نظر اللّه فحق للعالم بقدر إطلاع اللّه تعالى على قلبه أن يفتش عن صفات قلبه وأحوالها لإمكان أن يكون في قلبه وصف مذموم يمقته اللّه تعالى بسببه.

الثانية: أن الاعتناء بإصلاح القلب مقدم على أعمال بالجوارح لأن أعمال القلوب هي المصححة للأعمال إذ لا يصح عمل شرعي إلا من مؤمن باللّه تعالى مخلص فيما يعمله ثم لا يكمل ذلك إلا بمراقبة الحق فيه (٣) وهو الذي عبر عنه بالإحسان حيث قال: "أن تعبد اللّه كأنك تراه" (٤) وبقوله: "إن في


(١) سورة آل عمران، الآية: ٧٧.
(٢) سورة سبأ، الآية: ٣٧.
(٣) إبطال التأويلات لأخبار الصفات (١/ ٣٦٨).
(٤) أخرجه البخاري رقم (٥٠)، ومسلم رقم (٩).