للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

واللّه تعالى يتقدس عن شبه المخلوقين فجعل نظره إلى ما هو السر واللب وهو القلب والعمل والنظر يقع على الأجسام والمعاني فما كان بالأبصار فهو للأجسام وما كان بالبصائر فهو للمعاني انتهى، قاله في النهاية (١).

وقال بعض العلماء: معنى نظر اللّه هنا مجازاته ومحاسبته إنما يكون ذلك على ما في القلب دون الصورة الظاهرة ونظر اللّه ورؤيته محيطة بكل شيء فحينئذ فقد يكون كثير ممن له صورة حسنة أو مال أو جاه أو رياسة في الدنيا قلبه خرابا من التقوى ويكون ممن ليس له شيء من ذلك قلبه مملوءا بالتقوى فيكون أكرم عند اللّه عز وجل بل ذلك هو الأكثر وقوعا كما في الصحيح عن حارثة بن وهب عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "ألا أخبركم بأهل الجنة كل ضعيف متضعف لو لأقسم على اللّه لأبره" (٢) قاله ابن رجب في شرح الأربعين النواوية (٣).

تتمة: وقال القرطبي (٤): في قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إن اللّه لا ينظر إلى أجسامكم" الحديث، فيه نظر اللّه تعالى الذي هو رؤيته الموجودات وإطلاعه عليها لا يخص موجودا دون موجود بل يعم جميع الأشياء إذ لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء ثم قد جاء في الشرع نظر اللّه تعالى بمعنى رحمته للمنظور إليه وبمعنى قبول أعماله ومجازاته عليها وهذا هو النظر الذي


(١) النهاية في غريب الحديث والأثر (٥/ ٧٧).
(٢) أخرجه البخاري رقم (٤٩١٨)، ومسلم رقم (٢٨٥٣).
(٣) جامع العلوم والحكم (٢/ ٢٧٦).
(٤) المفهم (٢١/ ٨٣ - ٨٤).